كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)

__________
والهادوية الأفقه مقدم على الأقرأ (قال النووي) رحمه الله لأن الذي يحتاج إليه من القراءة مضبوط، والذي يحتاج إليه من الفقه غير مضبوط؛ وقد يعرض في الصلاة أمر لا يقدر على مراعاة الصواب فيه إلاكامل الفقه، قالوا ولهذا قدّم النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه في الصلاة على الباقين، مع أنه صلى الله عليه وآله وسلم نص على أن غيره اقرأ منه (قال الشوكاني) قال الشافعي المخاطب بذلك الذين كانوا في عصره كان أقرؤهم أفقههم، فإنهم كانوا يسلمون كبارًا ويتفقهون قبل أن يقرؤا، فلا يوجد قارئ منهم إلا وهو فقيه، وقد يوجد الفقيه وهو ليس بقارئ؛ لكن قال النووي وابن سيد الناس إن قوله في الحديث "فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة" دليل على تقدم الأقرأ مطلقا وبه يندفع هذا الجواب عن ظاهر الحديث، لأن التفقه في أمور الصلاة لا يكون إلا من السنة، وقد جعل القارئ مقدما على العالم بالسنة، وأما ما قيل من أن الأكثر حفظًا للقرآن من الصحابة أكثرهم فقها فهو وإن صح باعتبار مطلق الفقه لا يصح باعتبار الفقه في أحكام الصلاة، لأنها بأسرها مأخوذة من السنة قولا وفعلا وتقريرا، وليس في القرآن إلا الأمر بها على جهة الأجمال، وهو ما يستوي في معرفته القارئ للقرآن وغيره، وقد اختلف في المراد من قوله يؤم القوم أقرؤهم، فقيل المراد أحسنهم قراءة وإن كان أقلهم حفظا، وقبل أكثرهم حفظا للقرآن اهـ (قلت) ويدل على أن المراد أكثرهم حفظا للقرآن حديث عمرو بن سلمة ففيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلا "ليؤمكم أكثركم قرآنا" وفي رواية الطبراني "فكنت أكثرهم قرآنا فقدموني" مع أنه كان صبيا لم يبلغ الحلم (وفي أحاديث الباب أيضا) دليل على أن صاحب المنزل أحق بالأمامة، قال الترمذي وقال بعضهم إذ أذن صاحب المنزل لغيره فلا بأس أن يصلي بهم، وكرهه بعضهم وقالوا السنة يصلي صاحب البيت، قال أحمد بن حنبل وقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا يؤم الرجل في سلطانه ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه" فإذا أذن فأرجو أن الأذن في الكل ولم ير به بأسا إذا أذن له أن يصلي به اهـ وقال صاحب المنتقي وأكثر أهل العلم أنه لا بأس بإمامة الزائر بإذن رب المكان لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي مسعود إلا بإذنه، قال الشوكاني وقد حكى المصنف (يعني صاحب المنتقى) عن أكثر أهل العلم أنه لا بأس بإمامة الزائر بإذن رب المكان واستدل بما ذكره، وفي حديث أبي مسعود ولا يؤم الرجل في بيته، قلت يعني رواية أبي داود عن أبي مسعود قال "ولا يؤم الرجل في بيته ولا في سلطانه ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه" قال فيصلح حينئذ قوله في آخر حديثه إلا بإذنه لتقييد جميع الجمل المذكورة فيه التي من جملتها قوله "ولا يؤم الرجل في بيته" على ما ذهب إليه جماعة من أئمة الأصول (وقال به الشافعي وأحمد) قالا ما لم يقم دليل على اختصاص القيد ببعض الجمل اهـ (وقال العراقي) يشترط أن يكون المزور أهلا للإمامة

الصفحة 229