كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)

(6) باب تخفيف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس مع اتمامها
(1384) عن حميدٍ عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم من أتمَّ النَّاس صلاةً وأوجزه
__________
صلى الله عليه وسلم فيسقط فرضه ثم يصلي مرة ثانية بقومه هي له تطوع ولهم فريضة (قال النووي وقد جاء هكذا مصرحًا به في غير مسلم، وهذا جائز عند الشافعي رحمه الله تعالى وآخرين، ولم يجزه ربيعة ومالك وأبو حنيفة رضي الله عنهم والكوفيون، وتأولوا حديث معاذ رضي الله عنه على أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم تنفلا، ومنهم من تأوله على أنه لم يعلم به النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من قال حديث معاذ كان في أول الأمر ثم نسخ، وكل هذه التأويلات دعاوي لا أصل لها فلا يترك ظاهر الحديث بها، قال واستدل أصحابنا وغيرهم بهذا الحديث (يعني حديث معاذ) على أنه يجوز للمأموم أن يقطع القدوة ويتم صلاته منفردا وإن لم يخرج منها، وفي هذه المسألة ثلاثة أوجه لأصحابنا (أصحها) أنه يجوز لعذر ولغير عذر (والثاني) لا يجوز مطلقا (والثالث) يجوز لعذر ولا يجوز لغيره (وعلى هذا) العذر ما يسقط به عنه الجماعة ابتداء ويعذر في التخلف عنها بسببه، وتطويل القراءة عذر على الأصح لقصة معاذ رضي الله عنه، وهذا الاستدلال ضعيف لأنه ليس في الحديث أنه فارقه وبنى على صلاته، بل في الرواية الأولى أنه سلم وقطع الصلاة من أصلها ثم استأنفها، وهذا لا دليل فيه للمسألة المذكورة، وإنما يدل على جواز قطع الصلاة وإبطالها لعذر والله أعلم (قال) وفيه جواز قول سورة البقرة وسورة النساء وسورة المائدة ونحوها، ومنعه بعض السلف وذلك أنه لا يقال إلا السورة التي يذكر فيها البقرة ونحو هذا، وهذا خطأ صريح والصواب جوازه، فقد ثبت ذلك في الصحيح في أحاديث كثيرة من من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام الصحابة والتابعين وغيرهم، ويقال سورة بلا همز وبالهمز لغتان ذكرهما ابن قتيبة وغيره، وترك الهمزة هنا هو المشهور والذي جاء به القرآن العزيز، ويقال قرأت السورة وقرأت بالسورة وافتتحتها بها اهـ (وفي أحاديث الباب أيضا) الأنكار على من ارتكب ما ينهى عنه وإن كان مكروها غير محرم (وفيها) جواز الاكتفاء في التعزير بالكلام (وفيها) الأمر بتخفيف الصلاة والعزير على إطالتها إذا لم يرض المأمومون بالتطويل (وفيها غير ذلك) والله أعلم.
(1384) عن حميد عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معتمر عن حميد عن أنس "الحديث" (غريبه) (1) المعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان يخفف الصلاة بالناس مع مراعاة تعديل الأركن، فكان يقتصر في القراءة على قصار المفصل إذا وجد في الناس

الصفحة 245