كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)

__________
في الباب الأول من أبواب صلاة الليل، وذكرته هنا للأستدلال به على انعقاد الجماعة برجل وامرأة وإن كان ليس صريحا فى ذلك فقد رواه أبو داود عن أبى سعيد وأبى هريرة بأصرح من هذا، وسيأتى قريبا فى الأحكام (الأحكام) حديث أبى أمامة يدل على انعقاد الجماعة برجلين أحدهما إمام والآخر مأموم (فان قيل) إن حديث أبى أمامة فعرف لا يحتج به (قلت) نعم ولكن له شواهد كثيرة من عدة طرق بلفظ "اثنان فما فوقهما جماعة" وإن كانت كلها ضعيفة فيعضد بعضها بعضًا، وقد ترجم به البخارى فقال "باب اثنان فما فوقهما جماعة" وهو فى ابن ماجه من حديث أبى موسى الأشعرى (وفى معجم البغوى) من حديث الحكم بن عمير (وفى افراد الدار قطنى) من حديث عبد الله بن عمرو (وفى البيهقى) من حديث أنس (وفى الأوسط للطبرانى) من حديث أبى أمامة، أشار الى هذه الطرق جميعها الحافظ فى الفتح، على أنه يستغنى عن ذلك كله بحديث مالك بن الحويرث رضى الله عنه المتفق عليه، ورواه الأمام أحمد أيضا وتقدم فى الباب الثانى من أبواب الأمامة وصفة الأئمة رقم 1369 ولفظه عن مالك بن الحويرث "أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له ولصاحب له اذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما، وقل مرة فأقيما ثم ليؤمكما أكبركما" والى انعقاد الجماعة برجلين ذهب عامة الفقهاء ولم أعلم فيه خلافا (وحديث ابن عباس) يدل على انعقاد الجماعة باثنين أحدهما صبى والى ذلك (ذهبت الشافعية والأمام يحيى) من غير فرق بين الفرض والنفل؛ وهو رواية عن الأمام أحمد، وذهب الأئمة (مالك وأحمد وأبو حنيفة) فى رواية عنه الى الصحة فى النافلة (وذهب الى عدم انعقادها بصبى) الهادى والناصر والمؤيد بالله وأبو حنيفه وأصحابه، قال الشوكانى وليس على قول من منع من انعقاد إمامة من معه صبى فقط دليل، ولم يستدل لهم فى البحر إلا بحديث "رفع القلم" ورفع القلم يدل على عدم صحة صلاته وانعقاد الجماعة به، ولو سُلّم لكان مخصَّصا بحديث ابن عباس ونحوه اهـ (وحديث أبى هريرة) يستفاد منه انعقاد الجماعة برجل وامرأة من أهله (أى من محارمه أو زوجته) وإن لم يكن صريحا فى ذلك، فقد أخرجه أبو داود عن أبى سعيد وأبى هريرة بأصرح من هذا، ولفظه عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من استيقظ من الليل وأيقظ أهله فصليا ركعتين جميعًا كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات" وأخرجه أيضا النسائى وابن ماجه (قال الشوكانى) وفيه مشروعة إيقاف الرجل أهله بالليل للصلاة، واستدل به على صحة الأمامةى وانعقادها برجل وامرأة، والى ذلك ذهب الفقهاء ولكنه لا يخفى أن قوله "فصليا ركعتين جميعا" محتمل لأنه يصدق عليهما اذا صلى كل واحد منهما منفردًا أنهما صليا جميعًا ركعتين، أى كل واحد منهما فصلى الركعتين ولم يفعلهما أحدهما فقط، ولكن الأصل صحة الجماعة وانعقادها بالمرأة مع الرجل كما تنعقد بالرجل مع

الصفحة 269