كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)

لأهل البلد صلُّوا أربعًا فإنَّا سفرٌ
__________
وللاستدلال به على جواز اقتداء المقيم بالمسافر (وقوله ثمان عشرة) يعني ليلة كما صرح بذلك في رواية أخرى تقدمت هناك (وقوله لأهل البلد) يعني أهل مكة، وقد صرح بذلك من طريق أخرى هناك أيضا (وقوله سفر) بفتح السين وسكون الفاء جمع مسافر كركب وراكب (وفي الباب) عن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قدم مكة صلى بهم ركعتين ثم يقول يا أهل مكة أتموا صلاتكم فأنا قوم سفر رواه الأمام مالك في الموطأ ورجال إسناده أئمة ثقات (الأحكام) حديث جابر يدل على جواز صلاة المفترض بالمتنفل لأن معاذا رضى الله عنه كان يصلي العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يصليها إمامًا بقومه فكانت له تطوعا ولهم فريضة كما صرح بذلك في رواية البيهقي والشافعي وغيرهم، وهي رواية صحيحة كما تقدم (قال النووي) رحمه الله مذهبنا جواز صلاة المفترض خلف متنقل ومفترض في فرض آخر، وحكاه ابن المنذر عن طاوس وعطاء الأوزاعي وأحمد وأبي ثور وسليمان بن حرب قال وبه أقول؛ وهو مذهب داود (وقالت طائفة) لا يجوز نفل خلف فرض ولا فرض خلف نفل ولا خلف فرض آخر، قاله الحسن البصري والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة وأبو قلابة، وهو رواية عن مالك؛ وقال الثوري وأبو حنيفة ولا يجوز الفرض خلف نفل ولا فرض آخر، ويجوز النفل خلف فرض وروى عن مالك مثله (قلت وعند الحنابلة يصح النفل خلف الفرض ولا عكس وتصح المقضية خلف الحاضرة وعكسه حيث تساوتا في الاسم) قال واحتج لمن منع بقوله صلى الله عليه وسلم "إنما جعل الأمام ليؤتم به" رواه البخاري ومسلم من طرق، واحتج أصحابنا بحديث جابر، فذكر حديث الباب مع الزيادة التي رواها الشافعي والبيهقي وهي قوله "هي له تطوع ولهم مكتوبة العشاء" ثم قال قال البيهقي في كتابه معرفة السنن والآثار وكذلك رواه بهذه الزيادة أبو عاصم النبيل وعبد الرزاق عن ابن جريج كرواية شيخ الشافعي عن ابن جريج بهذه الزيادة، وزيادة الثقة مقبولة؛ قال والأصل أن ما كان موصولا بالحديث فهو منه لاسيما إذا روى من وجهين إلا أن تقوم دلالة على التمييز اهـ ج (وحديث عمران بن حصين) يدل على جواز ائتمام المقيم بالمسافر ولا خلاف في ذلك، إنما الخلاف في اقتداء المسافر بالمقيم فذهب جماعة إلى عدم الصحة، منهم داود والشعبي والهادي والقاسم والأمامية لقوله صلى الله عليه وسلم "لا تختلفوا على إمامكم" وقد خالف في العدد والنية، وذهب جماعة إلى الصحة منهم زيد بن علي والمؤيد بالله والباقر وأحمد بن عيسى والشافعية والحنفية إذ لم تفصل أدلة الجماعة،

الصفحة 280