كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)
__________
ابن إسحاق وابن خزيمة، ثم قال بعد ذلك وهو عندي ضرب من الأجماع الذين أجمعوا على إجازته، لأن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أفتوا به، والأجماع عندنا إجماع الصحابة ولم يرو عن أحد من الصحابة خلاف لهؤلاء الأربعة لا بإسناد متصل لا منقطع، فكأن الصحابة أجمعوا على أن الإمام إذا صلى قاعدا كان على المأمومين أن يصلوا قعودا، وقد أفتى به من التابعين جابر بن زيد وأبو الشعثاء، ولم يرو عن أحد من التابعين أصلا خلافه لا بإسناد صحيح ولا واه، فكان التابعين أجمعوا على إجازته، قال وأول من أبطل في هذه الأمة صلاة المأموم قاعدا إذا صلى إمامه جالسًا المغيرة بن مقسم صاحب النخعي، وأخذ عنه حماد بن أبي سليمان، ثم أخذ عن حماد أبو حنيفة وتبعه عليه من بعده من أصحابه اهـ كلام ابن حبان، وحكى الخطابي في المعالم والقاضي عياض عن أكثر الفقهاء خلاف ذلك، وحكى النووي عن جمهور السلف خلاف ما حكى ابن حزم عنهم (قال النووي) مذهبنا جواز صلاة القائم خلف القاعد العاجز وأنه لا تجوز صلاتهم وراءه قعودا، وبهذا قال الثوري (وأبو حنيفة) وأبو ثور والحميدي (وبعض المالكية) (وقال) الأوزاعي (وأحمد) وإسحاق وابن المنذر تجوز صلاتهم وراءه قعودا ولا تجوز قيامًا (وقال مالك) في رواية وبعض أصحابه لا تصح الصلاة وراءه قاعدا مطلقا، قال واحتج الأوزاعي وأحمد بحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إنما جعل الأمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين" رواه البخاري ومسلم، وفي الصحيحين عن عائشة وأبي هريرة مثله (قلت) وكذلك عند الأمام أحمد (قال) واحتج الشافعي والأصحاب بحديث عائشة رضي الله عنها "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر في مرضه الذي توفي فيه أبا بكر رضي الله عنه أن يصلي بالناس فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة فقام يهادي بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض فجاء فجلس عن يسار أبي بكر فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس جالسا وأبو بكر قائما، يقتدي أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر" رواه البخاري ومسلم وهذا لفظ إحدى روايات مسلم وهي صريحة في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان الأمام لأنه جلس عن يسار أبي بكر، ولقوله يصلي بالناس ولقوله، يقتدي به أبو بكر، ثم ذكر النووي جملة روايات لهذا الحديث بعضها عند البخاري وبعضها عند مسلم، ثم قال قال الشافعي والأصحاب وغيرهم من علماء المحدثني والفقهاء هذه الروايات صريحة في نسخ الحديث السابق "يشير إلى حديث أنس الذي احتج به الأمام أحمد والأوزاعي" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين" قال فإن ذلك كان في مرض قبل هذا بزمان حين آلى من نسائه اهـ باختصار (قلت) وقد وافق الشافعية على دعوى النسخ الحميدي وابن المبارك وآخرون، وجعلوا الناسخ ما تقدم من صلاته صلى الله عليه وسلم في