كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)

__________
فكان أنس يجمع فيه ويأنم بالأمام" رواه سعيد بن منصور في سننه (وعن أبى هريرة) رضي الله عنه "أنه صلى على ظهر المسجد بصلاة الأمام" رواه الشافعى والبيهقى وسعيد ابن منصور وذكره البخارى تعليقا (الأحكام) حديث الباب يدل على جواز ارتفاع الأمام على المأمومين بنحو ثلاث درجات اذا قصد بذلك تعليمهم الصلاة، لأن منبره صلى الله عليه وسلم كان إذ ذاك ثلاث درجات فقط كما صرح بذلك في الأحاديث الصحيحة (وحديثا ابن مسعود وأبى مسعود البدرى) رضي الله عنهما فيهما النهى مطلقا فيجمع بين هذه الأحاديث بحمل حديث الباب على إرادة التعليم مع عدم الارتفاع عن ثلاث درجات، وبحمل النهى على ما عدا ذلك (والأثران المرويان عن أنس وأبى هريرة) رضي الله عنهما يدلان على جواز ارتفاع المأموم على الأمام بنحو القامة (قال النووى) رحمه الله قال اصحابنا يكره أن يكون موضع الأمام أو المأموم أعلا من موضع الآخر، فان احتيج اليه لتعليمهم أفعال الصلاة أو ليبلغ المأموم القوم تكبيرات الأمام ونحو ذلك استحب الارتفاع لتحصيل هذا المقصود، هذا مذهبنا وهو رواية عن أبى حنيفة، وعنه رواية أنه يكره الارتفاع المطلوب مطلقا وبه قال (مالك والأوزاعى) وحكى الشيخ أبو حامد عن الأوزاعى انه قال تبطل به الصلاة مطلقا اهـ ج (وقال ابن قدامة) في المغنى المشهور في المذهب "يعنى مذهب الأمام احمد" أنه يكره أن يكون الأمام أعلا من المأمومين سواء أراد تعليمهم الصلاة أو لم يرد× قال وهو قول (مالك والأوزاعى وأصحاب الرأى) وروى عن احمد ما يدل على أنه لا يكره فان على بن المدينى قال سالنى احمد عن حديث سهل بن سعد وقال إنما أردت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أعلا من الناس فلا بأس أن يكون الأمام أعلا من الناس بهذاا لحديث اهـ (قلت) ولا كراهة عندهم في ارتفاع المأموم عن الأمام (قال الشوكانى رحمه الله) وقد حكى المهدى في البحر الأجماع على أنه لا يضر الارتفاع قدر القامة من المؤتم في غير المسجد إلا بحذاء رأس الأمام أو متقدماً، واستدل لذلك أيضا بفعل أبى هريرة المذكور في الباب، وقال المذهب ان ما زاد فسد، واستدل على ذلك بأن أصل البعد التحريم للأجماع في المفرط، ولا دليل على جواز ما تعدى القامة، وردَّ بأن الأصل عدم المانع فالدليل على مدعيه قال (والحاصل) من الأدلة منع ارتفاع الأمام على المؤتمين من غير فرق بين المسجد وغيره وبين القامة ودونهها وفوقها لقول أبى مسعود إنهم كانوا ينهون عن ذلك، وقول ابن مسعود نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث، وأما صلاته صلى الله عليه وسلم على المنبر فقيل إنه إنما فعل ذلك لغرض التعليم كما يدل عليه قوله ولتعلموا صلاتى وغاية ما فيه جواز وقوف الأمام على محل أرفع من المؤتمين اذا أراد تعليمهم، وأما ارتفاع المؤتم فان كان مفرطا بحيث يكون فوق ثلاثمائة ذراع على وجه

الصفحة 302