كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)
يقول إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثمَّ اليقل اللَّهم إنِّى أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك
__________
يعلمنا السورة من القرآن" (فان قال قائل) إنما دل على وجوب التشهد الأمر فى قوله فليقل التحيات لله الحديث (قلنا) وهذا أيضا فيه الأمر بقوله فليركع ركعتين ثم ليقل (فان قال) الأمر فى هذا تعلق بالشرط وهو قوله إذا همَّ أحدكم بالأمر (قلنا) إنما يؤمر به عند إرادة ذلك لا مطلقا كما قال فى التشهد إذا صلى أحدكم فليقل التحيات لله، قال ومما يدل على عدم وجوب الاستخارة الأحاديث الصحيحة الدالة على انحصار فرض الصلاة فى الخمس من قوله هل علىّ غيرها قال لا الا أن تطوع وغير ذلك اهـ نقله الشوكانى (1) المراد بالهم هنا العزم لأن الهم مبدأ القصد، والعزم القصد المتناهى فى طلب الشئ مع الحرص عليه، وهذا هو اللائق بالمقام كما لا يخفى، والمعنى اذا عزم أحدكم على أمر مما لا يعلم وجه الخير فيه فليركع الخ (3) أى فليصل ركعتين، من ذكر الجزء وارادة الكل، لأن الركوع جزء من أجزاء الصلاة، وفيه أن السنة فى الاستخارة كونها ركعتين فلا تجزئ الركعة الواحدة، وهل يجزئ فى ذلك أن يصلى أربعا أو أكثر بتسليمة؟ يحتمل أن يقال يجزئ ذلك، لقوله فى حديث أبى أيوب الآتى بعد هذا، ثم صل ما كتب الله لك، فهو دال على أنها لا تضر الزيادة على الركعتين (ومفهوم العدد) فى قوله فليركع ركعتين ليس بحجة على قول الجمهور (3) فيه أنه لا يحصل التسنن بوقوع الدعاء بعد صلاة الفريضة والسنن الراتبة وتحية المسجد وغير ذلك من النوافل (وقال النووى) فى الأذكار إنه يحصل التسنن بذلك وتعقب بأنه صلى الله عليه وسلم إنما أمر بذلك بعد حصول الهم بالأمر فاذا صلى راتبة أو فريضة ثم هم بأمر بعد الصلاة أو فى أثناء الصلاة لم يحصل بذلك الأتيان بالصلاة المسنونة عند الاستخارة (قال العراقى) إن كان همه بالأمر قبل الشروع فى الراتبة ونحوها ثم صلى من غير نية الاستخارة وبدا له بعد الصلاة الأتيان بدعاء الاستخارة فالظاهر حصول ذلك (وقوله ثم ليقل) فيه أنه لا يضر تأخر دعاء الاستخارة عن الصلاة ما لم يطل الفصل، وأنه لا يضر الفصل بكلام آخر يسير خصوصا إن كان من آداب الدعاء لأنه أتى بثم المقتضية للتراخى (4) أى أطلب منك الخير أو الخيرة، قال صاحب المحكم استخار الله طلب منه الخير (وقوله بعلمك) الباء فيه وفى قوله بقدرتك للتعليل، أى بأنك أعلم وأقدر قاله العراقى؛ وقال الكرمانى يحتمل أن تكون للاستعانة وأن تكون للاستعطاف كما فى قوله عز وجل {رب بما أنعمت علىّ} أى بحق علمك وقدرتك