كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)
العظيم فإنَّك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأمن علاَّم الغيوب اللَّهم فإن كنت تعلم هذا الأمير خيرًا لى فى دينى ومعاشى قال أبو سعيد ومعيشتى وعاقبة أمرى فاقدره لى ويسِّره ثمَّ بارك لى فيه اللَّهمَّ وإن كنت تعلمه شرًّا لى فى دينى ومعاشي وعاقبة
__________
الشاملين اهـ (وقوله واستقدرك) أى أطلب منك أن تجعل لى قدرة عليه (1) فيه دليل على احتياج الخلق الى الله عز وجل وافتقارهم إلى فضله وإحسانه مهما عظموا؛ وكل عطاء الرب عز وجل فضل، فانه ليس لأحد عليه حق فى نعمة ولا فى دفع نقمة، فان أعطى فمن فضله، وإن منع فمن عدله، بخلاف ما تعتقده المبتدعة التى تقول إن الله واجب عليه أن يبتدئ العبد بالنعمة (2) فيه دليل على عجز العبد وجهله وعدم قدرته وأنه لا يعلم الغيب إلا الله قال تعالى {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا إلا من ارتضى من رسول} أى إلا من يصطفيه لرسالته فيظهره على ما يشاء من الغيب ليستدل على نبوته بالآية المعجزة بأن يخبر عن الغيب، فما يدعيه الكهنة والدجالون من علم الغيب فهو كذب وزور وان صادف الواقع ومن صدَّقهم فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم كما فى الحديث، وفى ذلك كلام طويل سيأتى فى بابه ان شاء الله تعالى (3) لفظ رواية البخارى اللهم ان كنت تعلم أن هذا الأمر خير لى الخ والمعنى واحد، ولا يفهم من قوله ان كنت تعلم أن الصيغة للشك فى علم العليم الخبير وهو القائل {يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون} "يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور" {لا يعزب عنه مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء} بل فى كون علمه عز وجل تعلق بكون الأمر خيرًا أو ضده لا فى أصل العلم (4) هو مولى بنى هاشم المتقدم فى السند، يعنى أنه قال فى روايته ومعيشتى بدل ومعاشى، والمعاش والمعيشة واحد يستعملان مصدرًا واسما، وفى المحكم العيش الحياة، عاش عيشة ومعيشة ومعاشا وعيشوشة، ثم قال المعيش والمعاش والمعيشة ما يعاش به (5) رواية البخارى بعد قوله وعاقبة أمرى (أو قال عاجل أمرى وآجله) بالشك أى شك الراوى هل قال ومعاشى وعاقبة أمرى أو قال ومعاشى وعاجل أمرى وآجله، ورواية الأمام أحمد بغير شك، ومع هذا فيستحسن الجمع بين ذلك ليصادف الوارد فيقول ومعاشى وعاقبة أمرى وعاجله وآجله والله أعلم (وقوله فاقدره لى) ليس المراد منه استئناف المشيئة، فهذا محال لأن تقديره عز وجل وقع فى الأزل وانما المراد من التقدير هنا التيسر وتفسره الجملة بعده (6) لفظ البخارى بعد قوله ثم بارك لى فيه "وان كنت تعلم