كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)

__________
وقال لم يروه عن الحسن إلا عبد القدوس تفرد به ولده عبد السلام اهـ (قلت) وعبد القدوس قال فيه الفلاَّس أجمعوا على ترك حديثه وقال أبو حاتم عبد السلام وأبوه ضعيفان، وقال الذهبى فى ميزان الاعتدال قال عبد الرزاق ما رأيت ابن المبارك يفصح بقوله كذاب إلا لعبد القدوس، وقال النسائى ليس بثقة، وقال ابن عدى أحاديثه منكرة الأسناد والمتن اهـ (قلت) وإنما ذكرت حديثه لبيان حاله لأنه مشتهر على ألسنة الناس، وفى الباب غير ذلك وفى هذا القدر كفاية (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية صلاة الاستخارة والدعاء عقبها وأنهما سنة مرغب فيهما، وبذلك قال جميع العلماء فيما أعلم، وقد أهملت هذه السنة فى زماننا هذا وقل من يعمل بها أو يعرفها، وقد ابتدع الناس عمل الاستخارة بأنواع شتى لم يرد شئ منها في كتاب الله ولا فى سنة رسوله ولم يقل به أحد من علماء السلف ولا الخلف، وإنما هى بدع شيطانية سرت واشتهرت بين عامة الناس (فمن تلك الأنواع) ما يقال له استخارة السبحة (ومنها) استخارة كأس القهوة (ومنها) استخارة لعبة الورق المشهورة باسم "الكوتشينة" (ومنها) استخارة المصحف (ومنها) استخارة التبييت، إلى غير ذلك من الأمور التى ليس لها أصل فى الدين، فتراهم اذا أهمهم أمر من أمور الدنيا أسرعوا الى من يتوسمون فيه الصلاح، أو من يكون من حفظة القرآن، أو من يدعى علم الغيب ويسألونه عمل الاستخارة فيوافقهم على اعتقادهم ويعمل لهم الاستخارة ويخبرهم بالنتيجة فى المستقبل رجما بالغيب ولم يرشدهم الى الاستخارة الشرعية التى نحن بصددها إما لجهله بها، وإما لأجل منفعة تعود عليه منهم، وكان يتردد علىّ كثير من هؤلاء الناس فى بعض الأحيان يطلبون منى عمل الاستخارة بالسبحة أو المصحف أو غير ذلك حسب اعتقادهم، فكنت أزجرهم عن هذه الأمور وأنفّرهم منها وأرشدهم الى الاستخارة الشرعية وكيفية العمل بها وأكتب لهم الدعاء، ولما كثر ترددهم علىّ مع كثرة شواغلى التى لا تسمح لى بالكتابة لكل سائل عملت كتيبا صغيرًا ضمنته حديث الاستخارة بشرح لطيف يفهمه العوام، مع أمور أخرى قاصدًا بذلك إرشادهم الى سنة خير الأنام، وصرفهم عن الخرافات والأوهام، أسمينه (إرشاد القارى الى الاستخارة من صحيح البخارى) والله أسأل أن ينفع به، هذا والاستخارة المذكورة مع دعائها مستحبة فى الأمور التى لا يدرى العبد وجه الصواب فيها، أما ما هو معروف خيره كالعبادات وصنائع المعروف فلا حاجة للاستخارة فيها (قال العينى) فان قلت هل يستحب تكرار الاستخارة فى الأمر الواحد اذا لم يظهر له وجه الصواب فى الفعل أو الترك ما لم ينشرح صدره لما يفعل (قلت) بلى يستحب تكرار الصلاة والدعاء لذلك، وقد ورد فى حديث تكرار الاستخارة سبعا فى عمل الليلة لابن السنى من رواية إبراهيم بن البراء، قال

ما يستحب فعله فى الاستخارة
__________
(ابواب صلاة السفر وآدابه واذكاره وما يتعلق به)
(1) باب فضل السفر والحث عليه وشئ من آدابه
(1151) عن أبى هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وآله

الصفحة 52