كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)

__________
وابن عمر وابن عباس، وروى ذلك عن عمر بن عبد العزيز وقتادة والحسن (وقال حماد ابن سليمان) يعيد من يصلى فى السفر أربعا (وقال مالك) يعيد ما دام فى الوقت اهـ والى الثانى ذهب (الشافعى ومالك وأحمد) قال النووى وأكثر العلماء، وروى عن عائشة وعثمان وابن عباس، قال ابن المنذر وقد أجمعوا على أنه لا يقصر فى الصبح ولا فى المغرب (قال النووى) ذهب الجمهور الى أنه يجوز القصر فى كل سفر مباح، وذهب بعض السلف الى أنه يشترط فى القصر الخوف فى السفر، وبعضهم كونه سفر حج أو عمرة، وعن بعضهم كونه سفر طاعة (احتج القائلون بوجوب القصر بحجج) (الأولى) ملازمته صلى الله عليه وسلم للقصر فى جميع أسفاره كما فى حديث ابن عمر المذكور فى الباب، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أتم الرباعية فى السفر البتة كما قال ابن القيم (وأجاب المخالفون) عن هذه الحجة بأن مجرد الملازمة لا يدل على الوجوب كما ذهب الى ذلك جمهور أئمة الأصول وغيرهم (الحجة الثانية) حديث عائشة المتفق عليه بألفاظ منها "فرضت الصلاة ركعتين فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر" وهو دليل ناهض على الوجوب؛ لأن صلاة السفر اذا كانت مفروضة ركعتين لم تجز الزيادة عليها كما أنه لا يجوز النقص عن أربع فى الحضر، كما فى حديث الباب عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس (الحجة الثالثة) ما فى حديث الباب عند مسلم والأمام أحمد عن ابن عباس أنه قال "فرض الله عز وجل صلاة الحضر أربعا وفى السفر ركعتين" ولفظ مسلم "إن الله عز وجل فرض الصلاة على لسان نبيكم على المسافر ركعتين، وعلى المقيم أربعا، والخوف ركعة" فهذا الصحابى الجليل قد حكى عن الله عز وجل أنه فرض صلاة السفر ركعتين وهو أتقى لله، وأخشى من أن يحكى ان الله فرض ذلك بلا برهان (الحجة الرابعة) حديث الباب عن عمر "صلاة السفر ركعتان، وصلاة الأضحى ركعتان الخ" ورواه النسائى أيضا وغيره، وهو يدل على أن الصلاة مفروضة كذلك من أول الأمر وأنها لم تكن أربعا ثم قصرت، وقوله على لسان محمد تصريح بثبوت ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم (الحجة الخامسة) حديث ابن عمر عند النسائى بلفظ "وأمرنا أن نصلى ركعتين فى السفر" (واحتج القائلون بأن القصر رخصة) والتمام أفضل بحجج (الأولى منها) قول الله تعالى {ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} ونفى الجناح لا يدل على العزيمة بل على الرخصة، وعلى أن الأصل التمام، والقصر إنما يكون من شئ أطول منه، وأجاب المخالفون بأن الآية وردت فى قصر الصفة فى صلاة الخوف لا فى قصر العدد، لما علم من تقدم مشروعية قصر العدد (قال ابن القيم رحمه الله) فى الهدى وما أحسن ما قال، وقد يقال إن الآية اقتضت قصرًا يتناول قصر الأركان بالتخفيف وقصر العدد بنقصان ركعتين، وقيد ذلك بأمرين، الضرب فى الأرض والخوف، فاذا وجد الامران أبيح القصران فيصلون صلاة خوف مقصورًا عددها وأركانها، وإن انتفى الأمران

الصفحة 98