كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 5)

__________
وكانوا آمنين مقيمين انتفى القصران فيصلون صلاة تامة كاملة، وان وجد أحد السبيلين ترتب عليه قصره وحده، فان وجد الخوف والأقامة قصرت الأركان واستوفى العدد، وهذا نوع قصر وليس بالقصر المطلق فى الآية، وإن وجد السفر والأمن قصر العدد واستوفيت الأركان وصليت صلاة أمن، وهذا أيضا نوع قصر وليس القصر المطلق، وقد تسمى هذه الصلاة مقصورة باعتبار نقصان العدد، وقد تسمى تامة باعتبار تمم أركانها وان لم تدخل فى الآية اهـ (الحجة الثانية) قوله صلى الله عليه وسلم فى حديث الباب صدقة تصدق الله بها عليكم فان الظاهر من قوله صدقة أن القصر رخصة فقط، وأجيب بأن الأمر بقبولها يدل على أنه لا محيص عنها وهو المطلوب (الحجة الثالثة) ما فى صحيح مسلم وغيره أن الصحابة كانوا يسافرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنهم القاصر ومنهم المتم ومنهم الصائم ومنهم المفطر، لا يعيب بعضهم على بعض، كذا قال النووى فى شرح مسلم، ولم نجد فى صحيح مسلم قوله "فمنهم القاصر ومنهم المتم" وليس فيه الا أحاديث الصوم والأفطار، واذا ثبت ذلك فليس فيه أن النبى صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وقررهم عليه، وقد نادت أقواله وأفعاله بخلاف ذلك، وقد تقرر أن إجماع الصحابة فى عصره صلى الله عليه وسلم ليس بحجة والخلاف بينهم فى ذلك مشهور بعد موته؛ وقد أنكر جماعة منهم على عثمان لماَّ أتم بمنى وتأولوا له تأويلات، (قال ابن القيم) أحسنها أنه كان قد تأهل بمنى، والمسافر اذا أقام فى موضع وتزوج فيه أو كان له به زوجة أتم، وقد روى أحمد عن عثمان أنه قال أيها الناس لماَّ قدمت تأهلت بها وانى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "اذا تأهل رجل ببلد فليصل به صلاة مقيم" ورواه أيضا عبد الله بن الزبير الحميدى فى مسنده أيضا، وقد أعله البيهقى بانقطاعه وتضعيفه عكرمة بن ابراهيم (قال ابن القيم فى الهدى) قال أبو البركات بن تيمية ويمكن المطالبة بسبب الضعف فان البخارى ذكر عكرمة المذكور فى تاريخه ولم يطعن فيه، وعادته ذكر الجرح والمجروحين (الحجة الرابعة) ما روى عن عائشة رضى الله عنها قالت "خرجت مع النبى صلى الله عليه وسلم فى عمرة فى رمضان فأفطر وصمت، وقصر وأتممت، فقلت بأبى وأمى أفطرت وصمت، وقصرت وأتممت، فقال أحسنت يا عائشة" رواه الدارقطنى وقال هذا إسناد حسن (وعنها أيضا) "أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقصر فى السفر وتتم ويفطر وتصوم" رواه أيضا الدارقطنى وقال إسناد صحيح، ويجاب عن هذين الحديثين بأن الأول منهما ضعفه أكثر الحفاظ، قال الحافظ فى التلخيص واختلف قول الدارقطنى فيه فقال فى السنن إسناده حسن. وقال فى العلل المرسل أشبه (والثانى) أورده الحافظ فى التلخيص أيضا وقال قد استنكره أحمد وصحته بعيدة فان عائشة كانت تتم وذكر عروة أنها تأولت ما تأول عثمان كما فى الصحيح؛ فلو كان عندها عن النبى صلى الله عليه وسلم رواية لم يقل عروة عنها إنها تأولت، وقد ثبت فى الصحيحين خلاف ذلك اهـ وقد

الصفحة 99