كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)
-[جواز قطع الخطبة لأمر يحدث]-
يعلِّمني ممَّا علَّمه الله تعالى، قال ثمَّ أتى خطبته فأتمَّ آخرها
(1606) عن بريدة الأسلميِّ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يخطبنا، فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران (1) فنزل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه (2) ثمَّ قال صدق الله ورسوله، إنَّما أموالكم وأولادكم فتنةٌ (3) نظرت إلى هذين الصَّبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر (4) حتَّى قطعت حديثي ورفعتهما
__________
أثنائها، أفاده النووى {تخريجه} (م. هق)
(1606) عن بريدة الأسلمى {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد ابن حباب حدثنى حسين بن واقد حدثنى عبد الله بن بريدة قال سمعت أبى بريدة يقل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" {غريبه} (1) من العثرة وهى الزّلة مضارع عثر من بابى نصر وضرب أى يمشيان مشى صغير يميل فى مشيه تارة الى هنا وتارة الى هنا لضعفه فى المشى (2) فى رواية النسائي "فحملها ثم عاد الى المنبر" وإنما حملها وصعد بهما الى المنبر لكمال ما أودع الله عز وجل فى قلبه صلى الله عليه وسلم من الرحمة (3) أى بلاء ومحنة واختبار يختبر الله بها عباده ليتميز من يشغله ذلك عن طاعة الله ممن لا يشغله، فمن أقبل على طاعة الله عز وجل واشتغل بها عن ماله وولده كان من الفائزين، ومن عكس كان من الهالكين، وقد ثبتت له صلى الله عليه وسلم العصمة فلا يشغله شئ عن الله عز وجل مهما كان، فالمراد بالفتنة هنا بالنسبة له صلى الله عليه وسلم هو الميل الطبيعي الذى لم يشغله عن ربه عز وجل (4) أى لأنه صلى الله عليه وسلم كان أرحم خلق الله بخلق الله وأى قلب رحيم يرى طفلين فى هذه الحالة ولا يرحمهما، فعدم صبره صلى الله عليه وسلم على تركها لما أودعه الله عز وجل فى قلبه من كثرة الرحمة ورقة القلب {تخريجه} (د. نس. هق) وسنده جيد {الأحكام} أحاديث الباب تدل على مشروعة عدم الكلام والامام يخطب، وظاهرها يدل على المنع من جميع أنواع الكلام من غير فرق بين ما لا فائدة فيه وغيره لاطلاق الكلام فيها؛ ويؤيد ذلك أنه اذا جَعَل قوله أنصت مع كونه أمراً بمعروف لغواً، فغيره من الكلام أولى بأن يسمى لغواً، وقد اختلف العلماء فى ذلك هل هو حرام أو مكروه كراهة تنزيه، فذهب الى تخريجه الائمة {أبو حنيفة ومالك وأحمد والأوزاعى والشافعى} فى أحد القولين عنه، واحتج لهم بقوله تعالى {واذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} وبحديث أبى هريرة وحديث أبى الدرداء وهو حديث صحيح، ولأن الخطبتين بدل