كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)

-[مذاهب العلماء فيما يجوز من الكلام والامام يخطب]-
.....
__________
لم يفعل، قال أبو طالب قال أحمد اذا سمعت الخطبة فاستمع وأنصت ولا تقرأ ولا تشمت؛ واذا لم تسمع الخطبة فاقرأ وشمت ورد السلام (وقال أبو داود) قلت لأحمد يرد السلام والأمام يخطب ويشمت العاطس، قال اذا كان ليس يسمع الخطبة فيرد، واذا كان يسمع فلا لقول الله تعالى {فاستمعوا له وأنصتوا} (وقيل لأحمد) الرجل يسمع نغمة الامام بالخطبة ولا يدرى ما يقول يرد السلام؟ قال لا اذا سمع شيئاً، وروى نحو ذلك عن عطاء، وذلك لأن الانصات واجب فلم يجز الكلام المانع منه من غير ضرورة كالأمر بالانصات بخلاف من لم يسمع، وقال القاضى لا يرد ولا يشمّت وروى ذلك عن ابن عمر {وهو قول مالك والأوزاعى وأصحاب الرأى} "واختلف قول الشافعى" فيحتمل أن يكون هذ القول مختصاً بمن يسمع دون من لم يسمع فيكون مثل الرواية الثانية، ويحتمل أن يكون عاماً في كل حاضر يسمع أو لم يسمع، لأن وجوب الانصات شامل لهم فيكون المنع من رد السلام وتشميت العاطس ثابتاً فى حقهم كالسامعين اهـ {قلت} للشافعية قولان فى استماع الخطبة الوجوب والاستحباب، فعلى القول بالوجوب لا يرد السلام ولا تشميت العاطس إلا بالاشارة عندهم الاستحباب فالرد جائز (قال الحافظ) وقد استثنى من الانصات فى الخطبة ما اذا انتهى الخطيب الى كلام لم يشرع فى الخطبة مثل الدعاء للسلطان مثلاً؛ بل جزم صاحب التهذيب بأن الدعاء للسلطان مكروه، وقال النووى محله اذا جاوز، وإلا فالدعاء لولاة الأمور مطلوب (قال الحافظ) ومحل الترك اذا لم يخف الضرر وإلا فيباح للخطيب اذا خشى على نفسه اهـ {وأما الكلام فى الجلسة بين الخطبتين} فقد قال ابن قدامة يحتمل أن يكون جائزاً، لأن الامام غير خاطب ولا متكلم فأشبه ما قبلها وبعدها، وهذا قول الحسن (ويحتمل) أن يمنع منه وهو قول مالك والشافعى والأوزاعى وإسحاق، لأنه سكوت يسير فى أثناء الخطبتين أشبه السكوت للتنفس اهـ {قلت} فى كتب الحنابلة والشافعية جواز الكلام عند جلوس الأمام بين الخطبتين {وفى حديث أنس بن مالك والأثر المروى عن عثمان} رضى الله عنهما دليل على جواز الكلام بعد فراغ الخطيب من الخطبتين وقبل الصلاة وأنه لا يحرم ولا يكره، واليه ذهب الجمهور، وروى عن أبى حنيفة أنه يكره الكلام بعد الخطبة (قال ابن العربى) والأصح عندى أن لا يتكلم بعد الخطبة، لأن مسلماً قد روى أن الساعة التى فى يوم الجمعة هى من حين يجلس الامام على المنبر الى أن تقام الصلاة، فينبغى أن يتجرد للذكر والتضرع اهـ {قلت} الذى فى مسلم "أنها من بين أن يجلس الامام الى أن تقتضى الصلاة" ووردت أحاديث صحيحة أيضاً فى الأنصات حتى تنقضى الصلاة رواها الامام أحمد وغيره، منها حديث سلمان ونبيشة، وتقدما فى باب الغسل للجمعة، ولكنها

الصفحة 104