كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)
-[كلام العلماء في تعيين من بقى مع النبي صلى الله عليه وسلم من الذين انقضوا]-
اثنا عشر (1) فنزلت "وإذا رأوا تجارةً أو لهوًا انفضُّوا إليها" (2)
__________
ننتظر الصلاة، وكذا يحمل قوله "بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الصلاة" كما وقع فى مستخرج أبى نعيم على أن المراد بقوله فى الصلاة أى فى الخطبة، وهو من تسمية الشيء باسم ما يقارنه، وبهذا يجمع بين الروايات (1) زاد فى تفسير اسماعيل بن زياد الشامى "وامرأتان" وقد سُمّى من الجماعة الذين لم ينفضوا أبو بكر وعمر فى رواية عند مسلم، وفى رواية له أيضاً أن جابراً رضى الله عنه قال "فلم يبق إلا اثنا عشر رجلاً أنا فيهم" وفى تفسير الشامى أن سالماً مولى أبى حذيفة منهم، وروى العقيلى عن ابن عباس أن منهم الخلفاء الأربعة وابن مسعود وأناس من الأنصار، وروى السهيلى بسند منقطع أن الاثنى عشر هم العشرة المبشرون بالجنة وبلال وابن مسعود، قال (وفى رواية) عمّارٌ بدل ابن مسعود، ورواية العقيلى أقوى وأشبه بالصواب (وقوله نزلت) ظاهر فى أنها نزلت بسبب قدوم العير المذكورة، والمراد باللهو على هذا ما ينشأ برؤية القادمين وما معهم، ووقع عند الشافعى من طريق جعفر بن محمد عن أبيه مرسلاً "كان النبى صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة وكان لهم سوق كانت بنو سليم يجلبون إليها الخيل والأبل والسمن فقدموا فخرج اليهم الناس وتركوه قائماً، وكان لهم لهو يضربونه فنزلت" ووصله أبو عوانة فى صحيحه، أفاده الحافظ (2) قيل النكتة فى عود الضمير الى التجارة دون اللهو أن اللهو لم يكن مقصوراً وإنما كان تبعاً للتجارة، وقيل حذف ضمير أحدهما لدلالة الآخر عليه، وقال الزجاج أعيد الضمير إلى المعنى أى انفضوا الى الرؤية اهـ {قلت} زاد مسلم فى روايته "وتركوك قائماً" أى على المنبر تخطب، قال ابن كثير فى تفسيره هكذا ذكره غير واحد من التابعين منهم أبو العالية والحسن وزيد بن أسلم وقتادة، وزعم مقاتل بن حيان أن التجارة كانت لدحية بن خليفة قبل أن يسلم، وكان معها طبل فانصروا اليها وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً على المنبر إلا القليل منه، وقد صح بذلك الخبر فذكر حديث الباب بسنده اهـ {تخريجه} (ق. نس. مذ) {الأحكام} حديث الباب فيه دليل على أن الخطبة تكون من قيام، وقد استدل به المالكية ومن وافقهم ممن قال تنعقد الجمة باثنى عشر رجلاً، وأجاب الشافعية وغيرهم ممن يشترط أربعين بأنه محمول على أنهم رجعوا أو رجع منهم تمام الأربعين فأتم بهم الجمعة هكذا قالوا، وتقدم بسط الكلام على المذاهب فى العدد الواجب للجمعة فى أحكام الباب الثالث من أبواب صلاة الجمعة، وقد استشكل الأصلى حديث الباب فقال إن الله تعالى قد وصف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بأنهم لا تلههم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، ثم أجاب باحتمال أن يكون هذا الحديث قبل نزول الآية، قال الحافظ وهذا الذى يتعين المصير اليه مع أنه