كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)
-[مذاهب العلماء فيما تدرك به الجمعة]-
قومًا يصلُّون في الطَّريق فقال صلَّوا في المسجد (1)
__________
يكن إذ ذاك بالمدينة إلا هؤلاء، فلما كانت الفتوحات وكثر الناس بالمدينة أمرهم عند شدة الزحام أن يسجد الرجل على ظهر أخيه للضرورة، والظاهر أن ذلك فى الجمعة كما أشار اليه ابن قدامة فى المغنى، وذلك لأن جماعتها لا تعوّض، ولاستماع الخطبة وفضل كثرة الجماعة، فكلما كثرت الجماعة ازداد فضلها، وربما أن عمر رضى الله عنه كان يرى اشتراط المسجد للجمعة والله أعلم (1) أى وان ترتب على ذلك سجودكم على ظهر إخوانكم {تخريجه} (ص. هق) قال النووى إسناده صحيح {الأحكام} أحاديث الباب تدل على جملة أحكام {منها} أن صلاة الجمعة ركعتان، دليل ذلك ما فى حديث عمر بن الخطاب رضى الله عنه من قوله "وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم" ولأنه نقْلُ الخلف عن السلف (قال ابن المنذر) أجمع المسلمون على أن صلاة الجمعة ركعتان، ونقل الأجماع أيضاً النووى وغيره {ومنها} أن من أدرك من الجمعة ركعة أضاف إليها أخرى وكانت له جمعة، دليل ذلك حديث أبى هريرة المذكور فى الباب وروايته الأخرى المذكورة فى الشرح {قال النووى مذهبنا} أنه إن أدرك ركوع الركعة الثانية أدركها وإلا فلا؛ قال وبه قال أكثر العلماء حكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وابن عمر وأنس بن مالك وسعيد بن المسيب والأسود وعلقمة والحسن البصرى وعروة بن الزبير والنخعى والزهرى {ومالك والأوزاعى} والثورى وأبى يوسف {وأحمد وإسحاق} وأبى ثور، قال وبه أقول {وقال عطاء وطاوس ومجاهد ومكحول} من لم يدرك الخطبة صلى أربعاً، وحكى أصحابنا مثله عن عمر بن الخطاب {وقال الحكم وحماد وأبو حنيفة} من أدرك التشهد مع الامام أدرك الجمعة فيصلى بعد سلام الأمام ركعتين وتمت جمعته، وحكى الشيخ أبو حامد عن هؤلاء أنه اذا أحرم قبل سلام الأمام كان مدركاً للجمعة حتى قال أبو حنيفة لو سلم الأمام ثم سجد للسهو فأدركه مأموم فيه أدركها، وحكى أصحابنا مثل مذهبنا أيضاًَ عن الشعبى وزفر ومحمد بن الحسن اهـ ج {قلت} احتج الأولون بحديثي أبى هريرة (أما عطاء وطاوس) ومن وافقها فانهم يقولون إن الجمعة إنما قصرت من أجل الخطبة، وسماع الخطبة شرط فى صحة الجمعة عندهم فلا تكون جمعة فى حق من لم يوجد فى حقه الشرط (وأما الحكم وحماد وأبو حنيفة) فقد احتجوا بحديث أبى هريرة مرفوعاً "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون ولكن ائتوها وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" وقد تقدم الكلام عليه فى الباب الخامس، قالوا وهذا مطلق يشمل ما اذا أدركه بعد التشهد أو فى سجود السهو وهذا قول أبي حنيفة