كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)

-[إتفاق العلماء على مشروعية صلاة العيدين قبل الخطبة وأول من أحدث تأخيرها]-
.....
__________
صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده إلا ما روى أن عمر فى شطر خلافته الآخر قدم الخطبة لأنه رآى من الناس من تفوته الصلاة وليس بصحيح، ثم قال وقد فعله ابن الزبير فى آخر أيامه، (وقال ابن قدامة) لا نعلم فيه خلافاً بين المسلمين إلا عن بنى أمية، قال وعن ابن عباس وابن الزبير أنهما فعلاه ولم يصح عنهما، قال ولا يعتد بخلاف بنى أمية لأنه مسبوق بالأجماع الذى كان قبلهم ومخالف لسنة النبى صلى الله عليه وسلم الصحيحة، وقد أنكر عليهم فعلهم وُعدَّ بدعة ومخالفاً للسنة (وقال العراقى) إن تقديم الصلاة على الخطبة قول العلماء كافة، وقال إن ما روى عن عمر وعثمان وابن الزبير لم يصح عنهم، أما رواية ذلك عن عمر فرواها ابن أبى شيبة أنه لما كان عمر وكثر الناس فى زمانه فكان اذا ذهب ليخطب ذهب أكثر الناس، فلما رأى ذلك بدأ بالخطبة وختم بالصلاة، قال وهذا الأثر وإن كان رجاله ثقات فهو شاذ مخالف لما ثبت فى الصحيحين عن عمر من رواية ابنه عبد الله وابن عباس، وروايتهما عنه أولى، قال وأما رواية ذلك عن عثمان فلم أجد لها إسناداً، وقال القاضى أبو بكر ابن العربى يقال إن أول من قدمها عثمان وهو كذب لا يلتفت اليه اهـ {قلت} ويرده أيضاً ما ثبت فى أحاديث الباب وما عند الشيخين عن ابن عباس رضى الله عنهما قال "شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد وأبى بكر وعمر وعثمان فكلهم صلى قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة" (قال العراقى) وأما فعل ابن الزبير فرواه ابن أبى شيبة فى المصنف وإنما فعل ذلك لأمر وقع بينه وبين ابن عباس، ولعل ابن الزبير كان يرى جائزاً اهـ {قلت} تقدم فى أحاديث الباب عن ابن الزبير رضى الله عنهما أنه صلى قبل الخطبة، وثبت فى صحيح مسلم عن عطاء أن ابن عباس أرسل الى ابن الزبير أول ما بويع له أنه لم يكن يؤذَّن للصلاة يوم الفطر فلا تؤذَّن لها، قال فلم يؤذِّن لها ابن الزبير يومه وأرسل اليه مع ذلك، إنما الخطبة بعد الصلاة وأن ذلك قد كان يفعل، قال فصلى ابن الزبير قبل الخطبة، وثبت عند مسلم والأمام أحمد من رواية طارق بن شهاب وسيأتى فى باب الخطبة للعيدين وأحكامها عن أبى سعيد "أن مروان بن الحكم بدأ بالخطبة قبل الصلاة ولم يكن يبدأ بها" فيستفاد منه أن أول من أحذ ذلك مروان، وقيل أول من فعل ذلك معاوية حكاه القاضى عياض، وأخرج الشافعى فى مسنده عن عبد الله بن يزيد الخطمى أن النبى صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يبدؤون بالصلاة قبل الخطبة حتى قدم معاوية فقدّم معاوية الخطبة، وروى عبد الرزاق عن الزهرى بلفظ "أول من أحدث الخطبة قبل الصلاة فى العيد معاوية" حكاه القاضى عياض، وروى ابن المنذر عن ابن سيرين أن أول من فعل ذلك زياد بالبصرة، قال ولا مخالفة بين هذين الأثرين وأثر مروان، لأن كلاً من مروان وزياد كان عاملاً لمعاوية فيحمل على أنه ابتدأ ذلك وتبعه عماله (قال العراقى) الصواب أن أول من فعله مروان بالمدينة فى خلافة معاوية كما ثبت ذلك في

الصفحة 137