كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)
-[جواز اللعب بالحراب ونحوها من آلات الحرب في المسجد يوم العيد]-
أنَّ أبا بكرٍ دخل عليها وعندها جاريتان (1) فى أيَّام منى (2) تضربان بدفَّين (3) ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) مسجًّى (4) عليه بثوبه فانتهزهما (5) فكشف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وجهه فقال دعهما (6) يا أبا بكر فإنَّها أيَّام عيدٍ، وقالت عائشة رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يسترني بردائه (7) وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون فى المسجد حتَّى أكون أنا أسأم فأقعد (8) فاقدروا قدر الجارية الحديثة السِّنِّ الحريصة على اللَّهو
__________
أبي ثنا أبو المغيرة ثنا الأوزاعى قال حدثنى الزهرى عن عروة "الحديث" {غريبه} (1) الجارية في النساء كالغلام في الرجال، يقعان على من دون البلوغ فيهما، وفي الطبراني أن إحداهما كانت لحسان بن ثابت (2) هي الأيام الثلاثة بعد يوم النحر وهي أيام التشريق، ففيه أن هذه الأيام داخلة في أيام العيد وحكمه جار عليها في كثير من الأحكام لجواز التضحية وتحريم الصوم واستحباب التكبير وغير ذلك (3) المراد بالدف هنا دف العرب وهو مدوّر على شكل الغربال خلا أنه لا خروق في جلده ولا جلاجل فيه؛ وأما دف الملاهي فهو مدور، جلده من رق أبيض مناعم فيه جلاجل يسمى بالطار، له صوت يطرب لحلاوة نغمته (4) أي مغطى ففهم أبو بكر أنه نائم وغير عالم بذلك (5) أي زجرهما ومنعهما لعدم اطلاعه على تقرير النبى صلى الله عليه وسلم اياهما على ذلك (6) أي اتركهما، وفي الحديث التالي "يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً وإن اليوم عيدنا" وهذا تعليل لنهيه إياه بقوله دعهما، وبيان لخلاف ما ظنه أبو بكر من أنهما فعلتا ذلك بغير علمه لكونه دخل فوجد النبي صلى الله عليه وسلم مغطى بثوبه نائماً، ولا سيما كان المقدر عنده منع الغناء واللهو فبادر إلى إنكار ذلك قياماً عن النبى صلى الله عليه وسلم فأوضح النبى صلى الله عليه وسلم الحال وبينه بقوله "إن لكل قوم عيداً" أي لكل طائفة من الملل المختلفة عيداً يسمونه باسم مثل النيروز والمهرجان، وان هذا اليوم يوم عيدنا، وهو يوم سرور شرعى فلا ينكر مثل هذا، على أن ذلك لم يكن بالغناء الذي يهيج النفوس إلى أمور لا تليق، ولهذا جاء في رواية "وليستا بمغنيتين" يعنى لم تتخذا الغناء صناعة وعادة، وتقدم حديث أنس في أول أبواب العيدين "قدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية فقال إن الله تعالى قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الفطر ويوم النحر" (7) هذا يدل على أن ذلك كان بعد نزول آية الحجاب، وسيأتي الكلام عليه في الأحكام (8) معناه أنها تحب اللهو التفرج والنظر إلى اللعب حبا بليغاً وتحرص على إدامته ما أمكنها ولا تمل ذلك إلا بعد زمن طويل (وقولها فاقدروا) هو بضم الدال وكسرها لغتان حكاهما الجوهري وغيره، وهو من التقدير أى قدروا رغبتنا في ذلك إلى أن ننتهى، قاله النووى {تخريجه} (م. نس)