كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)

-[كلام العلماء في حكم الغناء وما يجوز منه وما يحرم]-
(11) باب الحث على الذكر والطاعة
والتكبير للعيدين وفى أيام العشر وأيام التشريق
(1672) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما من
__________
بالمعروف مع الأهل والأزواج وغيرهم "قال النووى" {واختلف العلماء في الغناء} فأباحه جماعة من أهل الحجاز وهى رواية عن مالك وحرّمه أبو حنيفة وأهل العراق {ومذهب الشافعى} كراهته وهو المشهور من مذهب مالك، واحتج المجوّزون بهذا الحديث (أى حديث عائشة الثالث من أحاديث الباب) وأجاب الآخرون بأن هذا الغناء إنما كان في الشجاعة النفوس على الشر ويحملها على البطالة والقبيح، قال القاضي إنما كان غناؤها بما هو من أشعار الحرب والمفاخرة بالشجاعة والظهور والغلبة، وهذا لا يهيج الجوارى على شر، ولا انشادهما لذلك من الغناء المختلف فيه، وانما هو رفع الصوت بالانشاد، ولهذا قالت "وليستا بمغنيتين" (يعنى رواية مسلم) التي فيها "وعندى جاريتان من جوارى الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث قالت وليستا بمغنيتين" أى ليستا ممن يتغنى بعادة المغنيات من التشويق والهوى والتعريض بالفواحش والتشبيب بأهل الجمال وما يحرك النفوس ويبعث الهوى والغَزَل كما قيل الغناء فيه الزنا، وليستا أيضاً مما اشتهر وعرف باحسان الغناء الذي فيه تمطيط وتكسير وعمل يحرك الساكن ويبعث الكامن، ولا ممن اتخذ ذلك صنعة وكسباً، والعرب تسمى الانشاد غناء، وليس هو من الغناء المختلف فيه بل هو مباح، وقد استجازت الصحابة غناء العرب الذى هو مجرد الانشاد والترنم، وأجازوا الحداء وفعلوه بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا كله إباحة مثل هذا وما فى معناه، وهذا ومثله ليس بحرام اهـ وسيأتى الكلام على آلات اللهو والغناء المحرم ونحو ذلك في كتاب اللهو واللعب ان شاء الله {وفى أحاديث الباب أيضاً} من الفوائد مشروعية التوسعة على العيال في أيام الأعياد بأنواع ما يحصل لهم بسط النفس وترويح البدن من كلف العبادة وأن الاعراض عن ذلك أولى {وفيها} جواز دخول الرجل على ابنته وهى عند زوجها اذا كان له بذلك عادة، وتأديب الأب بحضرة الزوج وإن تركه الزوج؛ إذ التأديب وظيفة الآباء والعطف مشروع من الأزواج للنساء {وفيها} أن اظهار السرور في الأعياد من شعائر الدين، وفيها غير ذلك والله أعلم.
(1672) عن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس "الحديث"

الصفحة 166