كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)
-[تحقيق يوم وفاة إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم - وإن الكواكب لا تأثير لها في الحوادث]-
والقمر آيتان من آيات الله (1) لا ينكسفان لموت أحدٍ (2) ولا لحياته (3)
__________
وأخرج الآخر، ومن روى ثمانية عشر شهراً فقد أدخلهما، لكنى اطلعت على رسالة صغيرة للمرحوم محمود باشا الفلكى أسماها (نتائج الافهام. في تقويم العرب قبل الاسلام) كانت باللغة الفرنسية وترجمها المرحوم العلاَّمة أحمد زكى باشا الى العربية وطبعت بمطبعة بولاق الأميرية بمصر سنة 1905 ذكر فيها يوم الكسوف الذى حصل بالمدينة سنة عشر من الهجرة وهو اليوم الذي مات فيه ابراهيم بن النبى صلى الله عليه وسلم وحدده بالحساب فوافق يوم 29 شوال الموافق 27 يناير سنة 632 ميلادية في الساعة الثامنة والدقيقة الثلاثين، وقد علمت من مجموع ما تقدم من روايتي البخارى والامام أحمد باسناد صحيح أنه عاش ستة عشر أو سبعة عشر أو ثمانية عشر شهراً، وعلى هذا فيكون ميلاده في جمادى الأولى سنة تسع من الهجرة، وهذا في نظرى أرجح بل متعين لأنه مبنى على عملية حسابية، أما رواية أنه ولد في ذى الحجة سنة ثمان وتوفى في ربيع الأول سنة عشر فقد رواها الواقدى بسند منقطع لا تقوم به حجة، والواقدى متكلم فيه أيضاً، ويقال في الجمع بين الروايات على اعتبار أنه ولد في جمادى الأولى سنة تسع ما قيل في السابق، أعنى اخراج شهرى الميلاد والوفاة من العدة على رواية أنه عاش ستة عشر شهراً؛ وادخالهما على رواية ثمانية عشر، وادخال أحدهما واخراج الآخر على رواية سبعة عشر، هذا ما ظهر لى والله أعلم (1) أى علامتان من آيات الله الدالة على وحدانيته وعظيم قدرته وعلى تخويف العباد من بأس الله وسطوته، ويؤيده قوله تعالى {وما نرسل بالآيات إلى تخويفاً} (2) إنما قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ذلك رداً لقولهم انكسفت لموت ابراهيم، وفي حديث النعمان بن بشير وسيأتى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إن ناساً من أهل الجاهلية يقولون أو يزعمون أن الشمس والقمر اذا انكسف واحد منهما فانما ينكسف لموت عظيم من عظماء أهل الأرض وان ذاك ليس كذلك، ولكنهما خلقان من خلق الله، فاذا تجلى الله عز وجل لشيء من خلقه خشع له" رواه الامام أحمد والنسائى وابن ماجه وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وفيه إبطال ما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من تأثير الكواكب في الأرض، قال الخطابي كانوا في الجاهلية يعتقدون أن الكسوف يوجب حدوث تغيير في الأرض من موت أو ضرر فأعلم النبى صلى الله عليه وسلم أنه اعتقاد باطل وأن الشمس والقمر خلقان مسخران لله ليس لهما سلطان في غيرهما ولا قدرة على الدفع عن أنفسهما اهـ (3) استشكلت هذه الزيادة لأن السياق إنما ورد في حق من ظن أن ذلك لموت ابراهيم ولم يذكروا الحياة (قال الحافظ) والجواب أن فائدة ذكر الحياة دفع توهم من يقول لا يلزم من نفى كونه سببا للفقد أن لا يكون سببا للأيجاد، فعمم الشارع النفى لدفع هذا