كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)
-[مذاهب الأئمة في وقت صلاة الكسوف وحكمها وصفتها]-
.....
__________
الأرض من موت أو ضرر {وفيها} مشروعية الدعاء والصلاة عند حصول الكسوف والمبادرة اليها في أى وقت من الأوقات، لأنه ليس لها وقت معين ولأن الصلاة علقت برؤية الكسوف وهي ممكنة في كل وقت {وبهذا قال الامام الشافعى} ومن تبعه، واستثنت الحنفية أوقات الكراهية وهو مشهور مذهب {الامام أحمد} وعن {المالكية} وقتها من وقت حل النافلة الى الزوال، وفي رواية إلى صلاة العصر، ورجح الأول بأن المقصود إيقاع هذه الصلاة قبل الانجلاء، وقد اتفقوا على أنها لا تقضى بعده، فلو انحصرت في وقت لأمكن الانجلاء قبله فيفوت المقصود (قال الحافظ) ولم أقف على شيء من الطرق مع كثرتها أن النبى صلى الله عليه وسلم صلاها إلا ضحىً، لكن ذلك وقع اتفاقاً فلا يدل على منع ما عداه، واتفقت الطرق على أنه بادر اليها اهـ {أما حكم صلاة الكسوف} فظاهر الأمر بها في أحاديث الباب يقتضى الوجوب، وبه قال أبو عوانة في صحيحه حملاً للأمر على ظاهره، ونقل عن أبى حنيفة القول بالوجوب لكنه خلاف المشهور عنه {وذهب جمهور العلماء} إلى أن الأمر بها محمول على السنية لانحصار الواجب من الصلوات في الخمس كما جاء في الحديث، (وحكى النووى) إجماع العلماء على أنها سنة، قال {ومذهب مالك والشافعي وأحمد} وجمهور العلماء أنه يسن فعلها جماعة، وقال العراقيون فرادى، وحجة الجمهور الأحاديث الصحيحة في مسلم وغيره قال (واختلفوا في صفتها) {فالمشهور في مذهب الشافعي} أنها ركعتان في كل ركعة قيامان وقراءتان وركوعان، وأما السجود فسجدتان كغيرهما وسواء تمادى الكسوف أم لا {وبهذا قال مالك والليث وأحمد} وأبو ثور وجمهور وعلماء الحجاز وغيرهم {وقال الكوفيون} هما ركعتان كسائر النوافل عملاً بظاهر حديث جابر بن سمرة وأبى بكرة أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين، وحجة الجمهور حديث عائشة من رواية عروة وعمرة وحديث جابر وابن عباس وابن عمرو بن العاص أنهما ركعتان في كل ركعة ركوعان وسجدتان، قال ابن عبد البر وهذا أصح ما فى هذا الباب، قال وباقى الروايات المخالفة معللة ضعيفة، وحملوا حديث ابن سمرة بأنه مطلق وهذه الأحاديث تبين المراد به، وذكر مسلم في رواية عن عائشة وعن ابن عباس وعن جابر ركعتين في كل ركعة ثلاث ركعات، ومن رواية ابن عباس وعلىّ ركعتين في كل ركعة أربع ركعات. قال الحافظ الروايات الأولى أصح ورواتها أحفظ وأضبط، وفي رواية لأبى داود من رواية أبىّ بن كعب ركعتين في كل ركعة خمس ركعات وقد قال بكل نوع بعض الصحابة، وقال جماعة من أصحابنا الفقهاء المحدثين وجماعة من غيرهم هذا الاختلاف في الروايات بحسب اختلاف حال الكسوف ففي بعض الأوقات تأخر انجلاء الكسوف فزاد عدد الركوع، وفي بعضها أسرع الانجلاء فاقتصر، وفي بعضها توسط بين الاسراع والتأخر فتوسط في عدده، واعترض الأولون على هذا بأن تأخر الانجلاء