كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)

-[كلام العلماء في الجمع بين أحاديث السر والجهر]-
(3) باب من روى أنها ركعتان كالركعات المعتادة
(1687) عن محمود بن لبيدٍ رضى الله عنه قال كسفت الشَّمس يوم
__________
أولى بالحفظ من واحد قاله البيهقى، وفيه نظر لأنه مثبت فروايته متقدمة، وجمع النووى بأن رواية الجهر في القمر ورواية الأسرار في كسوف الشمس وهو مردود، فقد رواه ابن حبان من حديث عائشة بلفظ كسفت الشمس فصلى بهم أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات وجهر بالقراءة اهـ {قلت} ويرده أيضاً حديث الباب عن عائشة، وجمع بعضهم بين حديث عائشة وسمرة بأن سمرة كان في أخريات الناس، فلهذا لم يسمع صوته ويدفعه حديث ابن عباس بلفظ "كنت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف فما سمعت منه حرفاً من القرآن" (قال الشوكاني) والصواب أن يقال إن كانت صلاة الكسوف لم تقع منه صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة كما نص على ذلك جماعة من الحفاظ، فالمصير إلى الترجيح متعين، وحديث عائشة ألأرجح لكونه في الصحيحين. ولكونه متضمناً للزيادة. ولكونه مثبتاً. ولكونه معتضداً بما أخرجه ابن خزيمة وغيره عن على مرفوعاً من إثبات الجهر؛ وإن صح أن صلاة الكسوف وقعت أكثر من مرة كما ذهب إليه البعض، فاللمتعين الجمع بين الأحاديث بتعدد الواقعة فلا معارضة بينها، إلا أن الجهر أولى من الاسرار لأنه زيادة، وقد ذهب الى ذلك {أحمد وإسحاق وابن خزيمة وابن المنذر وغيرهما} من محدثى الشافعية، وبه قال صاحبا أبى حنيفة وابن العربى من المالكية، وحكى النووى عن {الشافعى ومالك وأبى حنيفة والليث بن سعد} وجمهور الفقهاء أنه يسر في كسوف الشمس ويجهر في خسوف القمر، والى مثل ذلك ذهب الامام يحيى، وقال الطبرى يخير بين الجهر والاسرار {والى ذلك ذهب الهادى} ورواه في البحر عن مالك وهو خلاف ما حكاه غيره عنه، واعلم أنه لم يرد تعين ما قرأ به صلى الله عليه وسلم إلا في حديث لعائشة أخرجه الدارقطني والبيهقي أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في الأولى بالعنكبوت وفي الثانية بالروم أو لقمان {قلت سيأتي في الحديث التالى أنه قرأ بعض الركتاب} قال وقد ثبت الفصل بالقراءة بين كل ركوعين كما تقدم من حديث عائشة المتفق عليه فيتخير المصلى من القرآن ما شاء، ولابد من القراءة بالفاتحة في كل ركعة لما تقدم من الأدلة الدالة على أنها لا تصح ركعة بدون فاتحة (قال النووى) واتفق العلماء على أنه يقرأ الفاتحة في القيام الأول من كل ركعة، واختلفوا في القيام الثاني {فمذهبنا ومذهب مالك وجمهور أصحابه} أنها لا تصح الصلاة إلا بقراءتها فيه، وقال محمد بن مسلمة من المالكية لا تتعين الفاتحة في القيام الثاني اهـ
(1687) عن محمود بن لبيد {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى

الصفحة 184