كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)

-[حجة القائلين بإطالة السجود]-
يسجد، ثمَّ سجد فلم يكد يرفع رأسه، ثمَّ جلس فلم يكد يسجد (1) ثمَّ سجد فلم يكد يرفع رأسه، ثم فعل فى الركعة الثَّانية كما فعل فى الأولى وجعل ينفخ فى الأرض ويبكى (2) وهو ساجدٌ فى الركعة الثَّانية، وجعل يقول ربِّ لم تعذِّبهم وأنا فيهم، ربِّ لم تعذِّبنا ونحن نستغفرك (3) فرفع رأسه وقد تجلَّت الشَّمس (4) وقضى صلاته فحمد الله وأثنى عليه (5) ثم قال أيها النَّاس إنَّ الشَّمس والقمر آيتان من آيات الله عزَّ وجلَّ، فإذا كسف أحدهما فافزعوا
__________
مثل ذلك في باقي الأركان (1) فيه تطويل الجلسة بين السجدتين، ووقع عند مسلم من حديث جابر "ثم رفع فأطال ثم سجد" قال النووي هي رواية شاذة، قال الحافظ وتعقب بما رواه النسائي وابن خزيمة وغيرهما من حديث عبد الله بن عمرو وفيه "ثم سجد فأطال حتى قيل لا يرفع ثم رفع فجلس فأطال الجلوس حتى قيل لا يسجد ثم سجد" وصحح الحديث الحافظ، وسيأتى الكلام عليه في الأحكام إن شاء الله (2) إنما نفخ صلى الله عليه وسلم وبكى خوفاً من وقوع عذاب، لأن الخسوف آية من الآيات التي يخوف الله بها عباده، ويستفاد منه أن النفخ والبكاء في الصلاة لا يبطلانها، وقد تقدم الكلام على ذلك في أحكام البابين الثالث والعاشر من أبواب مبطلات الصلاة الخ في الجزء الرابع (3) وفي رواية لأبى داود "رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم؟ ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون" وفي رواية أخرى للامام أحمد والنسائى "رب لم تعدنى هذا وأنا أستغفرك، رب لم تعدنى هذا وأنا فيهم" والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم يقول يا رب ما وعدتني هذا وهو أن تعذبهم وأنا فيهم، بل وعدتنى خلافه وهو أن لا تعذبهم وأنا فيهم، يريد قوله عز وجل {ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} وهذا من باب التضرع في حضرة الله عز وجل وإظهار غناه وفقر الخلق إليه، وأن ما وعد به من وعد العذاب ما دام فيهم النبى صلى الله عليه وسلم يمكن أن يكون مقيداً بشرط، وليس مثله مبنياً على عدم التصديق بوعده الكريم، وهذا لا مرية فيه والله أعلم (4) أى ظهر نورها (5) رواية النسائى "فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه الحديث" وعند مسلم من حديث عائشة "فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه" وعند الامام أحمد من حديث أسماء مثله وسيأتى، وفيه دليل للشافعية ومن وافقهم في استحباب الخطبة بعد صلاة الكسوف، وفيه أن الخطبة لا تفوت بالانجلاء

الصفحة 186