كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)
-[إطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على الجنة والنار وقصة المرأة صاحبة الهرة]-
إلى المساجد، فوالَّذى نفسى بيده لقد عرضت علىَّ الجنَّة حتَّى لو أشاء لتعاطيت بعض أغصانها (1) وعرضت علىَّ النَّار حتَّى إنِّى لأطفئها خشية أن تغشاكم، ورأيت فيها امرأةً من حمير سوداء طوالةً (2) تعذَّب بهرَّةٍ لها تربطها فلم تطعمها ولم تسقها ولا تدعها تأكل من خشاش الأرض (3) كلَّما أقبلت
__________
بخلاف الصلاة، وفيه أن الخطبة يكون أولها الحمد لله والثناء عليه؛ ومذهب الشافعي أن لفظه الحمد لله متعينة؛ فلو قال معناها لم تصح خطبته، قاله النووي (1) لفظ النسائي "والذي نفس محمد بيده لقد أدنيت الجنة منى حتى لو بسطت يدى لتعاطيت من قطوفها" وهو مفسر لرواية المام أحمد وأدنيت بالبناء للمفعول من الادناء وهو التقريب أى قربها الله منى، قال الحافظ منهم من حمله على أن الحجب كشفت له دونها فرآها على حقيقتها وطويت المسافة بينهما حتى أمكنه أن يتناول منها، ومنهم من حمله على أنها مثلت له في الحائط كما تنطبع الصورة في المرآة فرأى جميع ما فيها (والقطوف) جمع قطف بكسر القاف وهو ما يقطف منها أي يقطع ويجتنى، ويقال في عرض النار مثل ما قيل في عرض الجنة (قال الحافظ) وقع في رواية عبد الرزاق أن رؤيته النار كان قبل رؤيته الجنة، وذلك أنه قال فيه "عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم النار فتأخر عن مصلاه حتى إن الناس ليركب بعضهم بعضاً وإذ رجع عرضت عليه الجنة فذهب يمشى حتى وقف في مصلاه" (ولمسلم من حديث جابر) "لقد جئ بالنار حتى رأيتمونى تأخرت مخافة أن يصيبنى من لفحها، وفيه ثم جئ بالجنة وذلك حين رأتمونى تقدمت حتى قمت فى مقامى، وزاد فيه ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه اهـ {قلت} (وقوله مخافة أن يصيبنى من لفحها) أى من ضرب لهبها ومنه قوله تعالى {تلفح وجوههم النار} (2) أى طويلة يقال للطويل طويل وطُوالة، فان أفرط في الطول فهو طُوَّال بالتشديد، وفي رواية عند مسلم "فرأيت فيها امرأة من بنى إسرائيل" (وقوله تعذب بهرة) أي بسبب هرة فالباء للسببية (3) بفتح الخاء المعجمة وهي هوامّها وحشراتها، وقيل صغار الطير، وحكى القاضي عياض فتح الخاء وكسرها وضمها والفتح هو المشهور، قال القاضي عياض في هذا الحديث المؤاخذة بالصغائر، قال وليس فيه أنها عذبت عليها بالنار، قال ويحتمل أنها كانت كافرة فزيد في عذابها بذلك هذا كلامه (قال النووى) وليس بصواب بل الصواب المصرح به في الحديث أنها عذبت بسبب الهرة وهو كبيرة لأنها ربطتها وأصرت على ذلك حتى ماتت والاصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة كما هو مقرر في كتب الفقه وغيرها