كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)

-[مذاهب العلماء في صلاة كسوف الشمس ركعتين كسائر النوافل]-
.....
__________
خشع له" ليس بجيد، فإنه مروى في النسائى وغيره ولكن تأويله ظاهر، فأى بعد في أن العالم بالجزئيات ومقدر الكائنات سبحانه يقدّر في أزل الآزال خسوفها بتوسط الأرض بين القمر والشمس ووقوف جرم القمر بين الناظر والشمس ويكون ذلك وقت تجليه سبحانه وتعالى عليهما فالتجلى سبب لكسوفهما، قضت العادة بأنه يقارن توسط الأرض ووقف جرم القمر لا مانع من ذلك، ولا ينبغي منازعة القوم فيه اذا دلت عليه براهين قطعية اهـ {وفي الباب} عن بلال رضى الله عنه قال "كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله فاذا رأيتم ذلك فصلوا كأحدث صلاة صليتموها" وأورده الهيثمى وقال رواه البزار والطبرانى في الأوسط والكبير، وعبد الرحمن بن أبى ليلى لم يدرك بلالاً، وبقية رجاله ثقات {وروى ابن أبى شيبة في مصنفه} بسند صحيح عن إبراهيم (كانوا يقولون إذا كان ذلك "يعنى الكسوف" فصلوا كصلاتهم حتى تنجلى) قال وحدثنا وكيع حدثنا إسحاق بن عثمان الكلابى عن أبى أيوب الهجرى قال "انكسفت الشمس بالبصرة وابن عباس أمير عليها فقام بصلى بالناس فقرأ فأطال القراءة ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه ثم سجد ثم فعل مثل ذلك في الثانية فلما فرغ، قال هكذا صلاة الآيات، قال فقلت بأي شيء قرأ فيهما؟ قال بالبقرة وآل عمران" قال وحدثنا وكيع عن يزيد بن ابراهيم عن الحسن "أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف ركعتين فقرأ في إحداهما بالنجم" {الأحكام} أحاديث الباب تدل على جوام صلاة كسوف الشمس ركعتين في كل ركعة ركوع واحد كصلاة العيد والنوافل، وإلى ذلك ذهب الكوفيون والحنفية محتجين بأحاديث الباب وبما ورد في ذلك من الآثار (قال العينى) قال ابن حزم في المحلىَّ وقد أخذ بهذا طائفة من السلف منهم عبد الله بن الزبير صلى في الكسوف ركعتين كسائر الصلوات {فإن قيل} قد خطَّأه في ذلك أخوه عروة، قلنا عروة أحق بالخطأ من عبد الله الصاحب الذي عمل بعلم وعروة أنكر ما لم يعلم، وذهب ابن حزم إلى العمل بما صح من الأحاديث فيها، ونحا نحوه ابن عبد البر فقال وإنما يصير كل عالم الى ما روى عن شيوخه ورآى عليه أهل بلده، وقد يجوز أن يكون ذلك اختلاف إباحة وتوسعة، قال البيهقى وبه قال ابن راهويه وابن خزيمة وأبو بكر بن إسحاق والخطابى، واستحسنه ابن المنذر، وقال ابن قدامة مقتضى مذهب أحمد أنه يجوز أن تصلى صلاة الكسوف على كل صفة، وقال ابن عبد البر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف مراراً، فحكى كلٌّ ما رآى وكلهم صادق كالنجوم من اقتدى بهم اهتدى اهـ وقال أبو بكر بن المنذر وكان بعض أصحابنا يقول الاختيار في صلاة الكسوف ثابت والخيار في ذلك للمصلى، إذن شاء فى كل ركعة ركوعين، وإن شاء ثلاثة وان شاء أربعة، ولم يصح عنده ذلك، قال وهذا يدل

الصفحة 197