كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)

-[ثبوت عذاب القبر واستحباب التعوذ منه]-
قلت يا رسول الله أنعذَّب فى القبور؟ قال عائذٌ بالله (1) فركب مركبًا فخسفت الشَّمس فخرجت فكنت بين الحجر (2) مع النِّسوة فجاء النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) من مركبه (3) فأتى مصلاَّه فصلَّى النَّاس وراءه فقام فأطال القيام (4) ثمَّ ركع فأطال الرُّكوع (5) ثمَّ رفع رأسه فأطال القيام (6) ثمَّ ركع فأطال الرُّكوع ثمَّ
__________
بعذاب القبر قبل ذلك فلم تصدقها، وسألت النبى صلى الله عليه وسلم فقالت "انعذب في القبور؟ " (1) هكذا رواية الامام أحمد عائذ بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف أى أنا عائذ، ورواية الشيخين عائذاً بالنصب على المصدرية تقديره أعوذ عائذاً بالله، أى أعوذ عياذاً بالله، ويجوز أن يكون عائذاً على بابه ويكون منصوباً على الحال وصاحب الحال محذوف تقديره أعوذ حال كونى عائذاً بالله، وكان ذلك قبل أن يوحى إلى النبى صلى الله عليه وسلم في عذاب القبر؛ يدل عليه ما رواه مسلم والامام أحمد عن عائشة وسيأتى في كتاب الجنائز في أبواب عذاب القبر قالت "دخل علىّ النبى وعندي امرأة من اليهود وهي تقول أشعرت أنكم تفتنون في القبور فارتاع النبى صلى الله عليه وسلم وقال إنما تفتن اليهود، قالت عائشة فلبثنا ليالى ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم هل شعرت أنه أوحى إلىَّ أنكم تفتنون في القبور؟ قالت عائشة فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بستعيذ من عذاب القبر" (وقوله فركب مركباً) أى خرج مخرجاً كما في رواية عند النسائى (2) الحجر بضم المهملة وفتح الجيم جمع حجرة، وهى بيوت أزواجه صلى الله عليه وسلم وكانت لاصقة بالمسجد (3) لفظ البخارى والموطأ "فرجع ضحى" أى من مركبه ذلك، وضحى مقصور منون أى عند ارتفاع الشمس أول النهار (وقولها فأتى مصلاه) تعنى موقفه الذى كان يصلى فيه في المسجد (4) أى بنحو سورة البقرة كما في بعض روياتها (5) أى نحواً مما قام كما في بعض الروايات (6) أى وهو دون القيام الأول وهكذا كل قيام وركوع وسجود يكون الركعة الأولى، وكذلك الركوع الأول في الثانية يكون أقل من الركوع الأخير في الأولى، ومثل ذلك السجود ورجحه الحافظ، ويؤيد ذلك ما جاء مصرحاً به في حديث جابر عند مسلم والامام أحمد وسيأتى بلفظ "ليس فيها ركعة إلا التى قبلها أطول من التى بعدها إلا أن ركوعه نحو من قيامه" أى الذى قبله (وقوله ثم رفع رأسه فأطال القيام ثم سجد الخ) هذا التصريح بطول القيام بعد الرفع من الركوع الثاني جاء في هذا الباب عند الامام أحمد في هذا الحديث وحديث أسماء وجابر الآيتين، وجاء في حديث جابر عند مسلم أيضاً بلفظ

الصفحة 199