كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)

-[أكثر أهل النار النساء]-
ورأيت النَّار فلم أر كاليوم منظرًا قطُّ ورأيت أكثر أهلها النِّساء قالوا لم يا رسول الله؟ قال بكفرهنّ، قيل أيكفرن بالله؟ قال يكفرن العشير ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهنَّ الدَّهر ثمَّ رأت منك
__________
فلم يجترئ، وقيل الإرادة مقدرة أي أردت أن أتناول ثم لم أفعل، ويؤيده حديث جابر عند مسلم "ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من قمرها لينظروا إليه ثم بدالي أن لا أفعل" ومثله للمصنف (أي البخاري) من حديث عائشة بلفظ "لقد رأيتني أريد أن أخذ قطفًا من الجنة حين رأيتموني جعلت أتقدم" ولعبد الرزاق من طريق مرسلة "أردت أن آخذ منها لأريكموه فلم يقدّر لي" ولأحمد من حديث جابر "فحيل بيني وبينه" قال ابن بطال يأخذ العنقود لأنه من طعام الجنة وهو لا يفنى، والدنيا فانية لا يجوز أن يؤكل فيها مالا يفنى، وقيل لأنه لو رآه الناس لكان من إيمانهم بالشهادة لا بالغيب فيخشى أن يقع رفع العقوبة فلا ينفع نفس إيمانها، وقيل لأن الجنة جزاء الأعمال والجزاء بها لا يقع إلا في قانون التأويل عن بعض شيوخه أنه قال قوله لأكلتم منه إلخ أن يخلق في نفس الآكل مثل الذي يأكل دائمًا بحيث لا يغيب عن ذوقه، وتعقب بأنه رأى فلسفي مبني على أن دار الآخرة لا حقائق لها وإنما هي أمثال؛ والحق أن ثمار الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة وإذا قطعت خلقت في الحال، فلا مانع أن يخلق الله مثل ذلك في الدنيا إذا شاء، والفرق بين الدارين في وجوب الدوام وجوازه (فائدة) بيَّن سعيد ابن منصور في روايته من وجه آخر عن يزيد بن أسلم أن التناول المذكور كان حين قيامه الثاني من الركعة الثانية أفاد الحافظ (1) لفظ البخاري (فلم أر منظرًا كاليوم قط أفظع) أي أشنع وأسوأ، والمراد باليوم الوقت الذي هو فيه، أي لم أر منظرًا مثل منظر رأيته اليوم فخذف المرئى وأدخل التشبيه على اليوم بشاعة ما رأى فيه وبعده عن المنظر المألوف، وقيل الكاف اسم والتقدير ما رأيت مثل منظر هذا اليوم منظرًا (2) استشكل مع حديث أبي هريرة "إن أدنى أهل لجنة منزلة من له زوجتان من الدنيا" فمقضتاه أن النساء ثلثا أهل الجنة؛ وأجيب بحمله على ما بعد خروجهن من النار (3) أي الزوج وقوله " ويكفرن الإحسان" بيان لقوله يكفرن العشير لأن المراد كفر إحسانه لا كفر ذاته فالجملة مع الواو مبينة للأولى نحو أعجبني الإسلام وسماحته، والمراد بكفر الإحسان تغطيته أو جحده ويدل عليه قوله " ولو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله) أي مدة عمر الرجل أو الزمان مبالغة "ثم رأت منك شيئًا" قليلا لا يوافق غرضها من أي نوع كان "قالت م رأيت منك خيرًا قط"

الصفحة 206