كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)

-[الجمع بين حديثي جابر المتعارضين والتوفيق بين الأحاديث المختلفة في صلاة الكسوف]-
(6) باب من روى أنها ركعتان في كل ركعة أربع ركوعات
(1704) عن رجلٍ يدعى حنشًا عن عليّ رضي الله عنه قال كسفت
__________
هاتين الروايتين، وكأنهم رأوا أن رواية أبي الزبير أرجح لاتفاق الشيخين على تخريحها، ورواية عطاء مرجوحة لانفراد مسلم بها فأهملوها عملاً بقاعدة " إذا تعارض الدليلان عمل بأرجحهما" ولكن هذا إذا لم يمكن الجمع (وقد هداني اله تعالى) للجمع بين هاتين الروايتين بأن الواقعة تعددت وأن الصفة التي رواها عطاء عن جابر كانت يوم وفاة إبراهيم كما صرح فيها بذلك، والصفة التي رواها أبو الزبير عن جابر كانت في واقعة أخرى قبلها (فإن قيل) جاء في رواية أي الزبير عن جابر عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان ثم قال "وإنهم كانوا يقولون إن الشمس والقمر لا يخسفان إلا لموت عظيم وإنهما آيتان من آيات الله يريكموهما فإذا خسفا فصلوا حتى تنجلي" ففي قوله صلى الله عليه وسلم ذلك دليل على أ، هـ إنما صلاها يوم توفى ابنه إبراهيم عليه السلام وقال هذه المقالة ردًّا لقولهم إنما كسفت لموته (قلت) ليس في قوله صلى الله عليه وسلم ذلك تصريح بأنه كان يوم وفاة إبراهيم فيحتمل أنه كان في واقعة أخرى، ولا مانع من قوله صلى اله عليه وسلم ذلك في كل واقعة تحذيرًا لهم من هذه العقيدة الباطلة، لأنها كانت عقيدة أ÷ل الجاهلية قبل الإسلام وقد جاء التصريح بذلك في حديث النعمان بن بشير رقم 1693 قبل باب حيث قال: "إن ناسًا من الجاهلية يقولون أو يزعمون أن الشمس والقمر إذا انكسف واحد منهما فإنما ينكسف لموت عظيم من عظماء أهل الأرض وأن ذلك ليس كذلك "الحديث" رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ وأٌره الذهبي، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها ركعتين ركعتين، فها كان ذلك يوم وفاة إبراهيم (وقصارى القول) أني تتبعت الأحاديث الواردة في أبواب الكسوف في الكتب الستة وغيرها الموجودة عندي بحسب اجتهادي فلم أجد حديثًا جمع بين كيفية الصلاة والتصريح بأنها كانت يوم وفاة إبراهيم سوى رواية عطاء عن جابر، وسائر الأحاديث بعضها صفة الصلاة دون التصريح بيوم الوفاة، وبعضها فيه التصريح بيوم الوفاة دون صفة الصلاة، فما جاء منها مصرحًا فيه بيوم الوفاة يحمل على رواية عطاء عن جابر في صفة الصلاة، وما جاء مصرحًا فيه بصفة غير ما ذكر في رواية عطاء عن جابر عمل بها كما هي، وتعتبر واقعة أخرى، وبهذا يحصل التوفيق بين مختلف الأحاديث والعمل بجميعها، هذا ما ظهر لي والله أعلم.
(1704) عن رجل يدعى حنشا (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا

الصفحة 215