كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)

-[مشروعية الخطبة على المنبر بعد صلاة الكسوف]-
(فذكرت نحو الحديث المتقدِّم وفيه) فصلَّيت معهم، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فرغ من سجدته الأولى قالت فقام رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم قيامًا طويلًا حتَّى رأيت بعض من يصلِّي ينتضح بالماء، ثمَّ ركع فركع ركوعًا طويلًا، ثمَّ قام ولم يسجد قيامًا طويلًا، وهو دون القيام الأوَّل ثمَّ ركع ركوعًا طويلًا وهو دون ركوعه الأوَّل، ثمَّ سجد، ثمَّ سلَّم وقد تجلَّت الشَّمس، ثمَّ رقى المنبر فقال أيُّها النَّاس، إنَّ الشَّمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحدٍ ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصَّلاة وإلى الصَّدقة وإلى ذكر الله، أيُّها النَّاس إنَّه لم يبق شئٌ لم أكن رأيته إلَّا رأيته في مقامي هذا، وقد رأيتكم تفتنون في قبوركم، يسأل أحدكم ما كنت تقول وما كنت تعبد؟ فإن قال لا أدري، رأيت النَّاس يقولون شيئًا فقلته ويصنعون شيئًا فصنعته، قيل له أجل، على الشَّكِّ عشت وعليه متَّ هذا مقعدك من النَّار، وإن قال أشهد أن لا إله إلَّا الله وأنَّ محمَّدًا رسول الله قيل على اليقين عشت وعليه متَّ، هذا مقعدك من الجنَّة، وقد رأيت خمسين
__________
(1) تعني بالسجدة الركعة الأولى، فكأنها لم تدرك إلا الركعة الثانية كما وصفت (2) أي من طول القيام، ولعلها تعني بذلك نفسها كما تقدم في حديثها السابق؛ ويحتمل أن غيرها حصل له ذلك، والانتضاح هنا هو الرش بالماء خوفًا من الإغماء (3) أي الذي قبله من الركعة الثانية ومثل ذلك يقال في الركوع (4) يعني أنه لم يكن ذا عقيدة ثابتة بل كان يقول كما يقول الناس سواء أكان خطأ أو صوابًا، فاستحق بذلك أن يكون من أهل النار لإهماله التعليم خصوصًا في العقائد، فالواجب على كل مكلف أن يعرف العقائد بأدلتها ويهتم بأمرها أكثر مما يهتم بطلب قوته، ولكنا نجد الناس الآن يهتمون بأمور الدنيا ويكدحون لها وهم عن الآخرة غافلون، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وفي إطلاعه على مقعده من النار زيادة ألم وحسرة نعوذ بالله من ذلك، أمتا من اجتهد في تعلم ما يجب عليه. وعمل بمقتضاه، فيلهمه الله عز وجل النطق بالشهادتين والإجابة على سؤال الملكين فيقال له على اليقين عشت وعليه مت، يعني أنه

الصفحة 223