كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)

-[مذاهب العلماء في حكم الخطبة بعد كسوف الشمس]-
.....
__________
عليه، ومن أين له أن المخاطب بذلك الأنصار دون غيرهم والقصة كانت في أواخر زمنه صلى الله عليه وسلم حيث امتلأت المدينة بأ÷ل مكة ووفود العرب، وقد بالغ الزين بن المنبر في الرد عليه والتشنيع بما يستغنى عن حكايته أهـ (وقوله ألا هل بلَّغت) معناه ما أمرت به من التحذير والإنذار وغير ذلك مما أرسل به صلى الله عليه وسلم والمراد تحريضهم على تحفظه واعتنائهم به لأنه مأمور بإنذارهم (تخريجه) (ق. لك. نس) وأخرجه أبو داود عن القعني عن مالك مختصرًا على قوله "إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتهم ذلك فادعوا الله عز وجل وكبروا وتصدقوا" (وفي الباب عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه قال خسفت الشمس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقام فزعا يخشى أن تكون الساعة حتى أتى المسجد فقام يصلي بأصول قيام وركوع وسجود ما رأيته يفعله في صلاة قط، ثم قال إن هذه الآيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحد لو لحياته ولكن الله يرسلها يخوّف بها عباده، فإذا رأيتم منها شيئًا فافزعوا إلى ذكره واستغفاره" رواه الشيخان وغيرهما (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الخطبة بعد صلاة الكسوف، ووعظ الناس وحثهم على أعمال وتحذيرهم من المعاصي، وإلى ذلك (ذهبت الشافعية وإسحاق وابن جرير) قال النووي واتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على استحباب خطبتين بعد صلاة الكسوف وهما سنة ليسا لصحة الصلاة، قال أصحابنا وصفتهما كخطبتي الجمعة في الأركان والشروط وغيرهما سواء صلاها جماعة في مصر أو قرية أو صلاها المسافرون في الصحراء وأهل البادية، ولا يخطب من صلاها منفردًا ويحثهم في هذه الخطبة على التوبة من المعاصي وعلى فعل الخير والصدقة والعتاقة ويحذرهم الغفلة والاغترار ويأمرهم بإكثار الدعاء والاستغفار والذكر، ففي الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك في خطبته، قال الشافعي في الأم ويجلس قبل الخطبة الأولى كما في الجمعة " هذا نصه" وقال النووي في موضع آخر نقلاً عن الإمام الشافعي في الأم أيضًا ما نصه " فإذا صلى النساء فليس من شأنهن الخطبة، لكن لو ذكرتهن أحداهن كان حسنًا" هذا نصع بحروفه وتابعه عليه الأصحاب أهـ ج (قلت) وذهب الأئمة (أبو حنيفة ومالك وأبو يوسف وأحمد) في رواية إلى أن الكسوف لبس فيه خطبة، وأجابوا عن أحاديث الباب بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالصلاة والتكبير والصدقة ولم يأمرهم بالخطبة، ولو كانت سنة لأمرهم بها لأنها صلاة كان يفعلها المنفرد في بيته فلم يشرع لها خطبة، وإنما خطب صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة ليعلمهم حكمها وكأنه مختص به (قال الحافظ) وتعقب هذا بما في الأحاديث الصحيحة من التصريح بالخطبة وحكاية شرائطها من الحمد والثناء والموعظة وغير ذلك مما تضمنته الأحاديث فلم يقتصر على الإعلام بسبب الكسوف والأصل مشروعية

الصفحة 227