كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)

-[إختلاف العلماء في الخطبة هل هي قبل الصلاة أو بعدها]-
.....
__________
في إثر صلاة مفروضة، وهو أفضل من النوع الذي قبله، "الثالث" وهو أملها أن يكون بصلاة ركعتين وخطبتين، ويتأهب قبله بصلاة وصيام وتوبة وإقبال على الخير ومجانبة الشر ونحو ذلك من طاعة الله تعالى أهـ (وأما الخطبة) فقد أجمع القائلون بمشروعية الصلاة على أن الخطبة أيضًا مشروعة وهي من سنن الاستسقاء لورود ذلك في الأحاديث، وحكى المهدي في البحر عن الهادي والمؤيد بالله أنه لا خطبة في الاستسقاء، واستدل لذلك بقول ابن عباس "لم يخطب كخطبتكم هذه" وغفلا عما رواه أبو داود في الحديث نفسه عن ابن عباس وفيه "ورقى المنبر" وإنما نفى ابن عباس وقوع خطبة منه صلى الله عليه وسلم مشابهة لخطبة المخاطبين ولم ينف وقوع مطلق الخطبة منه صلى الله عليه وسلم (وقد اختلفت الأحاديث) في تقديم الخطبة على الصلاة أو العكس، ففي حديث أبي هريرة والحديث الأول من حديثي عبد الله بن زيد أنه صلى الله عليه وسلم بدأ بالصلاة قبل الخطبة، وفي الحديث الثاني لعبد الله بن يزيد وحديث بن عباس وحديث عائشة المذكور في الشرح الذي رواه أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم بدأ بالخطبة قبل الصلاة، ولكنه لم يصرح في الحديث الثاني من حديثي عبد الله بن زيد أنه خطب، وإنما ذكر تحويل الرداء والاستقبال والدعاء والصلاة، (وقال القرطبي) يعتضد القول بتقديم الصلاة على الخطبة بمشابهتها للعيد، وكذا ما نقرر من تقديم أمام الحاجة أهـ (وقال الحافظ) يمكن الجمع بين ما اختلف من الروايات في ذلك أنه بدأ بالدعاء عن الخطبة فلذلك وقع الاختلاف، والمرجح عند (الشافعية والمالكية) الشروع أولاً بالصلاة عن (أحمد) رواية كذلك قال النووي وبه قال الجماهير (وقال الليث) الصلاة بعد الخطبة وكان مالك يقول به ثم رجع إلى قول الجماهير، وقال أصحابنا ولو قدَّم الخطبة على الصلاة صحتا، ولكن الأفضل تقديم الصلاة كصلاة العيد وخطبتها، وجاء في الأحاديث ما يقتضي جواز التقديم والتأخير؛ واختلفت الرواية في ذلك عن الصحابة أهـ (وقد اختلف في صفة صلاة الاستسقاء) فقال الشافعي وابن جرير وروى عن ابن المسيب وعمر بن العزيز أنه يكبر غيها كتكبير العيد، وبه قال زيد بن علي ومكحول، وهو مروي عن أبي يوسف ومحمد، (وقال الجمهور) لأنه لا تكبير فيها، واختلفت الرواية عن أحمد في ذلك، (وقال داود) أنه بخير بين التكبير وتركه "استدل الأولون" بحديث ابن عباس بقوله "فصلى بالناس ركعتين كما يصلي في العيد" وتأوله الجمهور على أن المراد كصلاة العيد في العدد والجهر بالقراءة وكونها قبل الخطبة، وقد أخرج الدارقطني والبزار من حديث ابن عباس أ، هـ يكبر فيها سبعًا وخمسًا كالعيد وأنه يقرأ فيها بسبح وهل أتلك، وفي إسناده محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري وهو متروك وتقدم في الشرح (وأما استقبال القبلة والدعاء ورفع اليدين عنده وتحويل

الصفحة 237