كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)

-[مذاهب العلماء في رفع اليدين عند الدعاء في الاستسقاء وغيره - وذكر أدعية مأثورة]-
.....
__________
بإسناد لا مطعن فيه. اهـ (قلت) رواه أبو داود والحاكم عن عمير مولى آبي اللحم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث الباب، ورواه النسائي والترمذي من طريق قتيبة بسنده إلى عمير مولى أبي اللحم عن آبي اللحم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث"، وعمير صحابي أيضًا، فلا مانع من أن يروي الصحابي الحديث مرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه، ويرويه مرة أخرى بواسطة غيره، والله أعلم (وفي الباب) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال " أنى رجل أعرابي من أهل البادية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، فقال يا رسول الله هلكت الماشية، هلك العيال، هلك الناس، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه يدعو، ورفع الناس أيديهم معه يدعون- الحديث" رواه البخاري (وعن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استسقى قال؛ اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت" رواه أبو داود والبيهقي والإمام مالك في الموطأ، وسنده جيد (وعن سمرة ابن جندب رضي الله عنه) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو إذا استسقى "اللهم أنزل في أرضنا بركتها وزينتها وسكنها وارزقنا وأنت خير الرازقين" رواه الطبراني في الكبير والبزار باختصار وإسناده حسن أو صحيح (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية المبالغة في رفع اليدين عند الدعاء في الاستسقاء وجعل ظهر كفيه إلى السماء، وظاهر الحديث الثاني من أحاديث الباب لآنس نفى الرفع في كل دعاء غير الاستسقاء، وهو معارض للأحاديث الثابتة في الرفع فير غير الاستسقاء وهي كثيرة، وقد أفردها البخاري بترجمة في آخر كتاب الدعوات وساق فيها عدة أحاديث، وصنف المنذري في ذلك جزءًا (وقال النووي) في شرح مسلم هي أكثر من أن تحصر، قال وقد جمعت منها نحوًا من ثلاثين حديثًا من الصحيحين أو أحدهما، وقال وذكرتها في آخر باب صفة الصلاة في شرح المهذب أهـ. فذهب بعض أهل العلم إلى أن العمل بها أولى، وحمل حديث أنس على نفي رؤيته؛ وذلك لا يستلزم نفي رؤيته غيره (وذهب آخرون) إلى تأويل حديث أنس المذكور لأجل الجمع بأن يحمل النفي على جهة مخصوصة إما على الرفع البليغ ويدل عليه قوله "حتى يرى بياض إبطيه" ويؤيده أن غالب الأحاديث التي وردت في رفه اليدين في الدعاء إنما المراد بها مد اليدين وبسطها عند الدعاء، وكأنه عند الاستسقاء زاد على ذلك فرفعهما إلى جهة وجهه حتى حاذتاه وحينئذ يرى بياض إبطيه، وإما على صفة رفع اليدين في ذلك كما في حديثه الأول من أحاديث الباب (ولأبي داود) من حديث أنس "كان يستسقى هكذا ومد يديه وجعل بطونها مما يلي الأرض حتى رأيت بياض إبطيه" (قال الشوكاني) والظاهر أنه ينبغي البقاء على النفي المذكور عن أنس ترفع اليد في شيء من الأدعية إلا في المواضع التي ورد فيها الرفع

الصفحة 248