كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)

-[بعض ما قيل في مدح النبى صلى الله عليه وسلم من أشعار العرب]-
يجيش كلُّ ميزابٍ، وأذكر قول الشَّاعر (وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمةً للأرامل) وهو قول أبي طالبٍ
__________
حتى بدت نواجذه، ثم قال لله درُّ أبي طالب لو كان حاضرًا لقرت عيناه، من ينشدنا شعره؟ فقال علي يا رسول الله كأنك أردت قوله* وأبيض يستسقي الغمام بوجهه* فذكر أبياتًا منها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل، فقام رجل من بني كنانة فأنشد أبياتًا
لك الحمد والحمد ممن شكر ... سقينا بوجه النبي المطر
دعا الله خالقه دعوة ... وأشخص معها إليه البصر
فلم يك إلّا كلفّ الردا ... وأسرع حتى رأينا الدرر
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنّ يكن شاعر أحسن فقد أحسنت" قال الحافظ وإسناد حديث أنس وإنّ كان فيه ضعف لكنه يصلح للمتابعة؛ وقد ذكره ابن هشام في زوائد السيرة تعليقًا عمن يثق به (وقوله يئط) بفتح أوله وكسر الهمزة وكذا يغط بالمعجمة، والأطيط صوت البعير المثقل، والغطيط صوت النائم كذلك، وكنى بذلك عن شدة الجوع لأنهما إنما يقعان غالبًا عند الشبع أهـ. (1) بفتح أوله وكسر الجيم وآخره معجمة، يقال جاش الوادي إذا زخر بالماء، وجاشت القدر إذا غلت، وجاش الشيء إذا تحرك، وهو كناية عن كثرة المطر (والميزاب) بكسر الميم وبالزاي معروف، وهو كل ما يسيل منه الماء من موضع عال (2) يجوز فيه ثلاثة أوجه؛ الضم والنصب والجر بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه غير مصروف، فالضم على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره وهو أبيض، والنصب عطفًا على قوله سيدًا في البيت الذي قبله وسيأتي، والجر على تقدير ربَّ، ورجح النصب (والغمام) الصحاب (وقوله ثمال) بكسر المثلثة وتخفيف الميم؛ هو المعاد والملجأ والمطعم والمغيث والأرامل جمع أرملة، وهب الفقيرة التي لا زوج لها، وقد يستعمل في الرجل أيضًا مجازًا، وهذب البيت من أبيات في قصيدة لأبي طالب ذكرها ابن اسحاق في السيرة بطولها، وذكرها ابن هشام في سبرته، وهي أكثر من تسعين بيتًا، ونقلها عنه الحافظ ابن كثير في تاريخه (البداية والنهاية) ثم قال وهذه قصيدة عظيمة بليغة جدًا لا يستطيع أن يقولها إلا من نسبت إليه، وهي أفضل من المعلقات السبع وأبلغ في تأدية المعنى فيها جميعها، وقد أوردها الأموي في مغازية مطولة بزيادات أخر، والله أعلم أهـ. (3) أي من قصيدته المشار إليها وسيأتي بعضها (تخريجه) رواه البخاري تعليقًا وابن ماجه موصولاً كرواية الإمام أحمد وقصيدة

الصفحة 250