كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)
-[كلام العلماء فيمن لم تجب عليهم الجمعة]-
.....
__________
بالإجماع، والجمعة صلاة فلا تختص بحكم يخالف غيرها إلا بدليل ولا دليل على اعتبار عدد فيها زائد على المعتبر في غيرها، وقد قال عبد الحق إنه لا يثبت في عدد الجمعة حديث، وكذلك قال السيوطى لم يثبت في شيء من الأحاديث تعيين عدد مخصوص اهـ بتصرف واختصار، وقال في الدرارى المضية الجمعة كسائر الصلوات لا تخالفها إلا في مشروعية الخطبتين قبلها، وردَّ ما قيل أنه يشترط في وجوبها الأمام الأعظم والمصر الجامع والعدد المخصوص بأن هذه الشروط لم يدل عليها دليل يفيد استحبابها فضلاً عن وجوبها فضلاً عن كونها شروطاً، بل إذا صلى رجلان الجمعة في مكان لم يكن فيه غيرهما جماعة فقد فعلاً ما يجب عليهما، فإن خطب أحدهما فقد عملا بالسنة، وإن تركا الخطبة فهى سنة فقط، ولولا حديث طارق بن شهاب في تقييد الوجوب على كل مسلم بكونه في جماعة لكان فعلها فرادى مجزئًا كغيرها من الصلوات اهـ {وفيها أن الجمعة لا تجب على خمسة} المرأة. والصبى. والمريض. والعبد المملوك. والمسافر (أما المرأة) فقد نقل ابن المنذر وغيره الأجماع أن المرأة لا جمعة عليها من نقله وغيره الأجماع أيضاً على أنها لو حضرت وصلَّت الجمعة جاز؛ وقد ثبت بالأحاديث الصحيحة المستفيضة أن النساء كن يصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده خلف الرجال؛ لكن تراعى الشروط المتقدمة في باب الأذن للنساء بالخروج الى المساجد من أبواب صلاة الجماعة (وأما الصبى) فانها لا تجب عليه أيضاً بالأجماع وتصح منه (وأما المريض) فانها لا تجب عليه اذا كان الحضور يجلب عليه مشقة (قال النووى) قال أصحابنا المرض المسقط للجمعة هو الذي يلحق صاحبه بقصد الجمعة مشقة ظاهرة غير محتملة، قال المتولى ويلتحق بالمريض في هذا من به إسهال كثير اهـ وألحق أبو حنيفة الأعمى بالمريض وإن وجد قائداً (وقال النووى) اذا وجد الأعمى قائداً متبرعاً أو بأجرة المثل وهو واجدها لزمته الجمعة وإلا فلا تجب عليه، هكذا أطلقه المصنف (يعنى صاحب المهذب) والجمهور، وقال القاضى حسين والمتولى تلزمه إن أحسن المشى بالعصا بلا قائد، هذا تفصيل مذهبنا، وممن قال بوجوب الجمعة على الأعمى الذي يجد قائداً مالك وأحمد وأبو يوسف ومحمد وداود، وقال أبو حنيفة لا تجب اهـ {قلت} الأدلة تقتضى وجوبها على الأعمى وإن لم يجد قائداً إذا كان يسمع النداء وكان ممن يهتدى إلى المسجد بنفسه (وأما العبد المملوك) فأكثر العلماء يقولون بعدم وجوب الجمعة عليه، ومثله المكاتب وسواء المدبر وغيره (قال النووى) هذا مذهبنا وبه قال جمهور العلماء، قال ابن المنذر أكثر العلماء على أن العبد والمدبر والمكاتب لا جمعة عليهم، وهو قول عطاء والشعبى والحسن البصرى وعمر بن عبد العزيز ومالك وأهل المدينة والثورى وأهل الكوفة وأحمد وإسحاق وأبى ثور، قال وقال بعض