كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)
-[مذاهب العلماء في السفر يوم الجمعة]-
.....
__________
العلماء تجب الجمعة على العبد فان منعه السيد فله التخلف، وعن الحسن وقتادة والأوزاعى وجوبها على عبد يؤدى الضريبة وهو الخراج (وقال داود) تجب عليه مطلقاً وهى رواية عن أحمد؛ دليلنا حديث طارق بن شهاب السابق، وأما من بعضه حر وبعضه رقيق فلا جمعه عليه على الصحيح وبه قطع الجمهور اهـ ج (وأما المسافر) ففيه خلاف، قال ابن قدامة في المغنى أكثر أهل العلم يرون أن لا جمعة عليه، كذلك قال مالك في أهل المدينة والثورى في أهل العراق والشافعى وإسحاق وأبو ثور، وروى ذلك عن عطاء وعمر بن عبد العزيز والحسن والشعبى (وحكى عن الزهرى والنخعى) أنها تجب عليه، لأن الجماعة تجب عليه فالجمعة أولى، قال ولنا أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يسافر فلا يصلى الجمعة في سفره، وكان في حجة الوداع بعرفة يوم الجمعة فصلى الظهر والعصر جمع بينهما ولم يصل جمعة، والخلفاء الراشدون رضى الله عنهم كانوا يسافرون في الحج وغيره فلم يصل أحد منهم الجمعة في سفره، وكذلك غيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعده، وقد قال إبراهيم كانوا يقيمون بالرى السنة وأكثر من ذلك وبسجستان السنين لا يجمَّعون، وعن الحسن عن عبد الرحمن ابن سمرة قال أقمت معه سنين بكابل يقصر الصلاة ولا يجمَّع رواهما سعيد؛ وأقام أنس بنيسابور سنة أو سنتين فكان لا يجمّع، ذكره ابن المنذر وهذا إجماع مع السنَّة الثابتة فيه فلا يسوغ مخالفته اهـ {وفى أحاديث الباب أيضاً} جواز السفر يوم الجمعة مطلقاً كما هو ظاهر الأدلة، وللعلماء خلاف في جوازه من طلوع الفجر الى الزوال وينحصر ذلك في خمسة أقوال ذكرها الشوكانى (الأول) الجواز، قال العراقى وهو قول أكثر العلماء، فمن الصحابة عمر بن الخطاب والزبير بن العوام وأبو عبيدة بن الجراح وابن عمر، ومن التابعين الحسن وابن سيرين والزهرى، ومن الائمة أبو حنيفة ومالك في الرواية المشهورة عنه، والأوزاعى وأحمد في الرواية المشهورة عنه، وهو القول القديم للشافعى، وحكاه ابن قدامة عن أكثر أهل العلم (والقول الثاني) المنع منه وهو قول الشافعى في الجديد وهو إحدى الروايتين عن أحمد وعن مالك (والثالث) جوازه لسفر الجهاد دون غيره، وهو إحدى الروايات عن أحمد (والرابع) جوازه للسفر الواجب دون غيره، وهو اختيار أبى إسحاق المروزى من الشافعية ومال إليه إمام الحرمين (والخامس) جوازه لسفر الطاعة واجباً كان أو مندوباً، وهو قول كثير من الشافعية وصححه الرافعى {وأما بعد الزوال} من يوم الجمعة فقال العراقى قد ادَّعى بعضهم الاتفاق على عدم جوازه وليس كذلك، فقد ذهب أبو حنيفة والأوزاعى إلى جوازه كسائر الصلوات، وخالفهم في ذلك عامة العلماء، وفرقوا بين الجمعة وبين غيرها من الصلوات بوجوب الجماعة في الجمعة دون غيرها، والظاهر جواز السفر قبل دخول وقت الجمعة وبعد دخوله لعدم المانع