كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)
-[سبب مشروعية غسل الجمعة]-
الجمعة أواجب هو؟ قال لا، ومن شاء اغتسل، وسأحدِّثكم عن بدء الغسل، كان النَّاس محتاجين (1) وكانوا يلبسون الصُّوف وكانوا يسقون النَّخل على ظهورهم (2) وكان مسجد النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم ضيِّقًا متقارب السَّقف (3) فراح النَّاس فى الصُّوف فعرقوا وكان منبر النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قصيرًا، وإنما هو ثلاث درجات (4) فعرق النَّاس فى الصُّوف فثارت (5) أرواحهم أرواح الصُّوف فتأذَّى بعضهم ببعض حتَّى بلغت أرواحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر، فقال يا أيُّها النَّاس إذا جئتم الجمعة فاغتسلوا وليمس (6) أحدكم من أطيب طيبٍ إن كان عنده
__________
ثنا سليمان بن بلال عن عمرو يعنى ابن أبى عمرو عن عكرمة عن ابن عباس وسأله رجل "الحديث" {غريبه} (1) أى لأنهم كانوا فى أول أمرهم فقراء (2) أى لعدم وجود الخدم ولقلة ذات يدهم (3) كان ارتفاعه قامة وشبراً وبقى كذلك إلى خلافة عمر فزاد فيه وبناه باللبن والجريد، ثم زاد فيه عثمان وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والجص وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج؛ وكان فى أول أمره مظللاً بالجريد وسواريه جذوع النخل، وسيأتى بسط ذلك فى باب فضل مسجد النبى صلى الله عليه وسلم فى آخر كتاب الحج إن شاء الله تعالى (4) أى درجتين غير المقعدة التى كان يجلس عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويؤيد ذلك ما ذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب عن باقوم الرومى قال "صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم منبراً من طرفاء له ثلاث درجات، المقعدة ودرجتان" ولا ينافيه ما فى حديث الباب، لأنه عد المقعدة من الثلاث (5) أى هاجت وظهرت من أجسادهم رياح كريهة يقال ثار يثور ثورًا وثورانا اذا انتشر وظهر (والأرواح) جمع ريح، لأن أصلها الواو، وتجمع على أرياح قليلاً؛ وعلى رياح كثيرًا (والروح) بالفتح نسيم الريح، كانوا إذا مرَّ عليهم النسيم تكيف بأرواحهم وحملها إلى الناس (نه) وأرواح الثانية بدل من أرواح الأولى (6) أي يضع منه على شعره وبدنه وثيابه، وأطيب الطيب المسك، فان لم يتيسر له المسك فليتطيب بغيره من كل ذى ريح طيبة كالعنبر والورد ونحو ذلك {تخريجه} (د. هق. ك. والطحاوى) وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط البخارى {قلت} وأقره الذهبى، وزاد أبو داود فى آخره "قال ابن عباس ثم جاء الله تعالى ذكره بالخير ولبسوا غير الصوف وكُفُوا العمل ووسع الله