كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)
-[فضل لبس الثياب الحسنة والطيب والدهن للجمعة]-
أبو هريرة يقول وثلاثة أيَّام زيادة (1) إنَّ الله جعل الحسنة بعشر أمثالها.
(1543) عن أبى ذر رضي الله عنه عن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال من اغتسل أو تطهَّر (2) فأحسن الطُّهور ولبس من أحسن ثيابه ومسَّ ما كتب الله له من طيب (3) أو دهن أهله (4) ثمَّ أتى الجمعة فلم يلغ (5) ولم يفرِّق بين اثنين (6) غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى (ومن طريق ثانٍ) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا يونس ثنا ليث عن محمَّدٍ يعنى ابن عجلان عن
__________
الطيب ولبس الثياب الحسنة وعدم التخطى، والانصات للخطبة تمحو الذنوب التى حصلت منه، من صلاة الجمعة السابقة الى فراغه من صلاة الجمعة التى هو فيها (1) أى من التى بعدها كما فى رواية ابن حبان، لأن الزمن من صلاة الجمعة السابقة إلى صلاة التي تليها بعد أسبوعاً كاملاً، فاذا زدنا ثلاثة أيام كما فى رواية أبى هريرة صار المجموع عشرة أيام، فصلاة الجمعة فى يوم واحد كفرت ذنوب عشرة أيام، لأن الله عز وجل جعل الحسنة بعشر أمثالها، والمراد هنا تكفير الذنوب الصغائر كما يستفاد من بعض الروايات الصحيحة، فعند ابن ماجه ما لم يغش الكبائر، وعند مسلم نحو ذلك، وظاهر الحديث أن تكفير الذنوب من الجمعة إلى الجمعة مشروط بوجود جميع الخصال المذكورة فى الحديث وترك الكبائر كما فى الروايات الأخرى والله أعلم {تخريجه} (م. د)
(1543) عن أبى ذر {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن ابن عجلان حدثنى سعيد عن أبيه عن عبد الله بن وديعة عن أبى ذر "الحديث" {غريبه} (2) أو للشك من الراوى (وقوله فأحسن الطهور) أى استوعب جميع جسمه بالغسل والنظافة (3) أى ما يسّره الله له (4) الدهن بضم الدال المهملة هو ما يدَّهن به من زيت ودهن سمسم ونحو ذلك من الأدهان المطيّبة، وإنما قال دهن أهله "أى زوجته" لأن الأدهان لا تستعمل إلا فى الشعر وهو خاص بالنساء غالباً، والمعنى أن من لم يتخذ لنفسه دهناً فليستعمل من دهن امرأته، وفيه إشارة الى التزين يوم الجمعة بالدهن لأزالة شعث الشعر وبالطيب لأزالة الريح الكريهة، فان لم يجد إلا أحدهما اقتصر عليه (5) أى لم يتكلم، لأن الكلام حال الخطبة لغو، يقال لغا يلغو كغزا يغزو، ولغِىَ يَلغَى كعمِىَ يَعمَى، ومن الثانى قوله تعالى {والغَوْا فيه} واللغو السقط وما لا يعتد به من كلام وغيره ولا يحصل منه على فائدة ولا نفع، وإنما كان مطلق الكلام فى حال الخطبة لغوًا لورود النهى عنه (6) أي لم يتخط