كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)
-[مسائل تختص بغسل الجمعة]-
.....
__________
قال صاحب المنتقى وهذا يدل على أنه أراد بلفظ الوجوب تأكيد استحبابه كما تقول حقك علىّ واجب والعدة دين بدليل أنه قرنه بما ليس بواجب بالأجماع وهو السواك والطيب اهـ {ومن حججهم أيضاً} (حديث أوس بن أوس) المذكور فى الباب، ووجه دلالته جعله قريناً للتبكير والمشى والدنو من الأمام وليست بواجبة فيكون مثلها {وحديث عائشة رضى الله عنها} الثانى من أحاديث الباب، ووجه دلالته أنهم إنما أمروا بالاغتسال لأجل تلك الروائح الكريهة فاذا زالت زال الوجوب {وفى حديث ابن عمر الذى فى الباب} دليل على تعليق الأمر بالغسل بالمجئ إلى الجمعة، والمراد إرادة المجئ وقصد الشروع فيه، وقد اختلف فى ذلك على ثلاثة أقوال (الأول) اشتراط الاتصال بين الغسل والرواح، وإليه ذهب {مالك} (والثانى) عدم الاشتراط لكن لا يجزئ فعله بعد صلاة الجمعة ويستحب تأخيره إلى الذهاب وإليه {ذهب الجمهور} (والثالث) أنه لا يشترط تقديم الغسل على صلاة الجمعة بل لو اغتسل قبل الغروب أجزأ عنه {وإليه ذهب داود} ونصره ابن حزم، واستبعده ابن دقيق العيد وقال يكاد يجزم ببطلانه، وادعي ابن عبد البر الأجماع على أن من اغتسل بعد الصلاة لم يغتسل للجمعة، واستدل مالك بحديث ابن عمر ونحوه، واستدل الجمهور وداود بالأحاديث التى أطلق فيها يوم الجمعة، لكن استدل الجمهور على عدم الاجتزاء به بعد الصلاة بأن الغسل لأزالة الروائح الكريهة؛ والمقصود عدم تأذى الحاضرين وذلك لا يتأتى بعد إقامة الجمعة {وقد ذكر النووى} رحمه الله فى المجموع جملة مسائل تختص بغسل الجمعة مع بيان مذاهب الأئمة فيها آثرت ذكرها لما فيها من الفوائد {منها} قوله لو اغتسل للجمعة قبل الفجر لم يجزئه على الصحيح من مذهبنا، وبه قال جماهير العلماء، وقال الأوزاعى يجزئه {ومنها} قوله لو اغتسل لها بعد طلوع الفجر أجزأه عندنا وعند الجمهور، حكاه ابن المنذر عن الحسن ومجاهد والنخعى والثورى وأحمد وإسحاق وأبى ثور {وقال مالك} لا يجزئه إلا عند الذهاب الى الجمعة وكلهم يقولون لا يجزئه قبل الفجر إلا الأوزاعى فقال يجزئه الاغتسال قبل طلوع الفجر للجنابة والجمعة {ومنها} قوله لو اغتسل للجمعة ثم أجنب لم يبطل غسله عندنا وعند الجمهور {وقل الأوزاعى يبطل} ولو أحدث لم يبطل بالأجماع؛ واختلفوا فى استحباب إعادة الغسل، فمذهبنا أنه لا يستحب، وحكاه ابن المنذر عن الحسن ومجاهد ومالك والأوزاعى، قال وبه أقول، وحكى عن طاوس والزهرى وقتادة ويحيى بن أبى كثير استحبابه {ومنها} قال ابن المنذر أكثر العلماء يقولون يجزئ غسل واحد عن الجنابة والجمعة، وهو قول ابن عمر رضى الله عنهما ومجاهد ومكحول ومالك والنووى والأوزاعى والشافعى وأبو ثور {وقال أحمد} أرجو أن يجزئه، وقال أبو قتادة