كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)

-[فضل التبكير إلى الجمعة]-
ثمَّ راح فكأنَّما قرَّب بدنة (1) ومن راح في السَّاعة الثَّانية فكأنَّما قرَّب بقرةً (2) ومن راح في السَّاعة الثَّالثة فكأنَّما مما قرَّب كبشا، قال إسحاق أقرن (3)
__________
رواية ابن جريح عن سمىّ عند عبد الرزاق "فاغتسل أحدكم كما يغتسل من الجنابة" أى فى صفته، وقيل فيه إشارة إلى الجماع يوم الجمعة ليغتسل فيه من الجنابة، والحكمة فى ذلك أن تسكن نفسه فى الروح الى الصلاة ولا تمتد عينه الى شئ يراه، وأيضًا حمل المرأة على الاغتسال فى ذلك اليوم، وعليه حُمِل حديث من غسَّل واغتسل بالتشديد (قال النووى) ذهب بعض أصحابنا الى هذا وهو ضعيف أو باطل، والصواب الأول، وتعقبه الحافظ بأنه حكاه ابن قدامة عن احمد، وثبت أيضًا عن جماعة من التابعين، وقال القرطبي إنه أنسب الأقوال فلا وجه لادّعاء بطلانه وان كان الأول أرجح، ولعله عنى أنه باطل فى المذهب، قال الحافظ السيوطى ويؤيده حديث "أيعجز أحدكم أن يجامع أهله فى كل يوم جمعة فان له اجرين اثنين، أجر غسله وأجر امرأته" أخرجه البيهقى فى شعب الايمان من حديث أبى هريرة (1) رواية الأمام مالك فى الموطأ "ثم راح فى الساعة الأولى فكأنما قرَّب بدنة" والزواج يكون أول النهار وآخره، قال الأزهرى لغة العرب الرواح الذهاب سواء كان أول النهار أو آخره أو فى الليل {قلت} والمراد بالرواح هنا الذهاب أول النهار بدليل أحاديث التبكير، وفى بيان ساعة الرواح الى الجمعة خلاف بين العلماء سيأتى تحقيقه فى الأحكام، ومعنى قوله "فكأنما قرب بدنة" أى تصدق بها متقربًا الى الله تعالى، وفى رواية الزهرى عند البخارى بلفظ "كمثل الذى يهدى بدنه" وفى رواية أيضًا عند الامام احمد فى الطريق الثانى من هذا الحديث بلفظ "المهجر الى الجمعة كالمهدى بدنه" فكأن المراد بالقربان هنا الاهداء الى الكعبة، قال الطيبى وفى لفظ الاهداء جماع معنى التعظيم للجمعة، وان المبادرة اليها كمن ساق الهدى (والمراد بالبدنة) البعير ذكراً كان أو أنثى، والهاء فيه للوحدة لا للتأنيث، وحكى ابن التين أن مالكاً كان يتعجب ممن يخص البدنة بالأنثى، قال الزهرى البدنة لا تكون إلا من الأبل وصح ذلك عن عطاء، وأما الهدى فمن الأبل والبقر والغنم هذا لفظه، وحكى النووى عنه أنه قال البدنة تكون من الأبل والبقر والغنم، وكأنه خطأ نشأ عن سقط، وفى الصحاح البدنة ناقة أو بقرة تذبح بمكة سميت بذلك لأنهم كانوا يسمنونها اهـ واستدل به على أن البدنة تختص بالأبل لأنها قوبلت بالبقرة عند الاطلاق، وقسم الشئ لا يكون قسيمه، أشار الى ذلك ابن دقيق العيد (2) أى ذكراً أو أنثى فالتاء للوحدة لا للتأنيث (3) يعنى أن إسحاق قال فى روايته كبشاً اقرن، ولم يذكر عبد الرحمن في روايته

الصفحة 58