كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)

-[كلام العلماء في ما يستفاد من أحاديث الباب]-
.....
__________
يوم جمعة فى كثيب كافور فيكونون منه فى القرب على قدر تسارعهم، فيحدث الله عز وجل لهم من الكرامة شيئاً لم يكونوا رأوه قبل ذلك، ثم يرجعون إلى أهليهم فيحدثونهم بما أحدث الله لهم، قال ثم دخل عبد الله (يعنى ابن مسعود) المسجد فاذا هو برجلين يوم الجمعة قد سبقاه، فقال عبد الله "رجلان وأنا الثالث إن شاء الله أن يبارك فى الثالث" أورده المنذرى وقال رواه الطبرانى فى الكبير، وأبو عبيدة اسمه عامر ولم يسمع من أبيه عبد الله بن مسعود رضى الله عنه وقيل سمع منه {وعن علقمة} قال خرجت مع عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه يوم الجمعة فوجد ثلاثة قد سبوه فقال رابع أربعة، وما رابع أربعة من الله ببعيد، إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن الناس يجلسون يوم القيامة من الله عز وجل على قدر رواحهم الى الجمعات الأول فالأول ثم الثانى ثم الثالث ثم الرابع وما رابع أربعة من الله ببعيد" قال المنذرى رواه ابن ماجه وابن أبى عاصم وإسنادهما حسن {الأحكام} فى أحاديث الباب الحث على التبكير الى صلاة الجمعة والمشى لها دون الركوب والدنوّ من الامام والأنصات للخطبة وعدم اللغو، وأن من جمع هذه الخصال كان له الفضل المترتب على ذلك فى أحاديث الباب، وعليه يحمل ما أطلق فى بعض الروايات من ترتيب الفضل على بعض هذه الخصال من غير تقييد بجميعها {وفيها} أن الملائكة تحضر الجمعة وتكتب الحاضرين لها الأول فالأول، وما ذلك إلا العظيم فضلها وامتيازها عن الصلوات الأخرى، وأن الملائكة المذكورين غير الحفظة {وفيها} أن مراتب الناس فى الفضل بحسب أعمالهم وهو من باب قوله عز وجل {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} وأن القليل من الصدقة غير محتقر فى الشرع، وأن التقرب بالأبل أفضل من التقرب بالبقر وهو بالاتفاق فى الهدى، واختلف فى الضحايا، فذهب الجمهور الى أنها كذلك، وقال الزين بن المنير فرّق مالك بين التقرُّ بين اختلاف المقصودين، لأن أصل مشروعية الأضحية التذكير بقصة الذبيح وهو قد فدى بالغنم، والمقصود بالهدى التوسعة على المساكين فناسب البُدن (قال النووى) وحجة الجمهور ظاهر هذا الحديث والقياس على الهدايا، وأما تضحيته صلى الله عليه وسلم فلا يلزم منها ترجيح الغنم، لأنه محمول على أنه صلى الله عليه وسلم لم يتمكن ذلك الوقت إلا من الغنم أو فعله لبيان الجواز، وقد ثبت فى الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم ضحى عن نسائه بالبقر اهـ {وقد اختلف العلماء} فى الساعة المذكورة فى الحديث ما المراد بها، قال النووى {مذهب مالك} وكثير من أصحابه والقاضى حسين وإمام الحرمين من أصحابنا أن المراد بالساعات هنا لحظات لطيفة بعد زوال الشمس والرواح عندهم بعد الزوال، وادعوا أن هذا معناه فى اللغة {ومذهب الشافعى} وجماهير أصحابه وابن حبيب المالكى وجماهير العلماء استحباب التبكير إليها

الصفحة 67