كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)
-[إختلاف العلماء في وقت الذهاب إلى الجمعة]-
.....
__________
أول النهار، والساعات عندهم من أول النهار، والرواح يكون أول النهار وآخره، قال الأزهرى لغة العرب الرواح الذهاب سواء كان أول النهار أو آخره أو فى الليل، وهذا هو الصواب الذي يقتضيه الحديث والمعنى، لأن النبى صلى الله عليه وسلم أخبر أن الملائكة تكتب من جاء فى الساعة الأولى وهو كالمهدى بدنة؛ ومن جاء فى الساعة الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة {وفى رواية} للنسائى "السادسة" فاذا خرج الامام طووا الصحف ولم يكتبوا بعد ذلك أحدًا، ومعلوم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يخرج الى الجمعة متصلاً بالزوال وهو بعد انفصال السادسة، فدل على أنه لا شئ من الهدى والفضيلة لمن جاء بعد الزوال؛ ولأن ذكر الساعات إنما كان للحث فى التبكير اليها والترغيب فى فضيلة السبق وتحصيل الصف الأول وانتظارها والاشتغال بالتنفل والذكر ونحوه، وهذا كله لا يحصل بالذهاب بعد الزوال؛ ولا فضيلة لمن أتى بعد الزوال لأن النداء يكون حينئذ، ويحرم التخلف بعد النداء والله أعلم اهـ {قلت} وللشافعية خلاف فى ابتداء الساعات المذكورة هل هى من طلوع الفجر أم من طلوع الشمس؟ (فقال الرويانى) إن ظاهر كلام الشافعى أن التبكير يكوم من طلوع الفجر، وصححه الرافعى والنووى (وقال الماوردى) الأصح أنه من طلوع الشمس، لأن ما قبل ذلك زمان غسل وتأهب (وقال الرافعى) ليس المراد من الساعات الساعات الفلكية، وإنما المراد ترتيب الدرجات وتفضيل السابق على الذى يليه؛ ومن جاء فى أول ساعة من هذه الساعات ومن جاء فى آخرها مشتركان فى تحصيل أصل البدنة أو البقرة أو الكبش، ولكن بدنة الأول اكمل من بدنة من جاء فى آخر الساعة، وبدنة المتوسط متوسطة، وهذا كما أن صلاة الجماعة تزيد على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة؛ ومعلوم أن الجماعة تطلق على اثنين وعلى ألوف، فمن صلى فى جماعة هم عشرة آلاف له سبع وعشرون درجة، ومن صلى مع اثنين له سبع وعشرون درجة، لكن درجات الأول أكمل واشباه هذا كثيرة اهـ (وقال الصيدلانى) شارح المختصر إن أول التبكير يكون من ارتفاع النهار وهو أول الضحى وهو أول الهاجرة؛ ويؤيده الحث على التهجير الى الجمعة اهـ {واحتج بعض المالكية} بقوله فى رواية الزهرى (مثل المهجر) لأنه مشتق من الهجر وهو السير فى وقت الهاجرة، وأجيب بأن المراد بالتهجير هنا التبكير كما تقدم نقله عن صاحب النهاية، ونقله الحافظ أيضًا عن الخليل، واشتد إنكار الأمام احمد وابن حبيب من المالكية ما نقل عن الأمام مالك من كراهية التبكير الى الجمعة، وقال الأمام أحمد هذا خلاف حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم {قلت} والذى ظهر لى من مضمون أحاديث الباب أن ساعات التبكير الى الجمعة تبتدئ من ارتفاع النهار وهو أول الضحى وأول الهاجرة كما قال الصيدلاني، وتنتهي