كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)
-[الكلام على ساعات الذهاب إلى الجمعة وهل هي زمانية أو فلكية؟]-
(8) باب الجلوس فى المسجد للجمعة وآدابه والنهى عن التخطى الا لحاجة
(1569) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم إذا نعس أحدكم فى المسجد يوم الجمعة (1)
__________
بزوال الشمس حيث يحضر الأمام وتطوى الملائكة الصحف، وهذه المدة مقسمة الى ست ساعات زمانية لا فلكية، وإنما قلت ست ساعات مع أن الوارد فى الصحيحين خمس فقط، لما ثبت عند النسائى باسناد صحيح من حديث أبى هريرة زيادة مرتبة بين الدجاجة والبيضة وهى العصفور، وتابعه صفوان بن عيسى عن ابن عجلان أخرجه محمد عبد السلام الخشنى، وله شاهد من حديث أبى سعيد عند الأمام أحمد باسناد آخر رجاله ثقات، وتقدم فى أحاديث الباب وتقدمت الأشارة الى ذلك فى شرحه، وزيادة الثقة مقبولة، ونحوه فى مرسل طاوس عن سعيد بن منصور، واخترت تفسير الساعات بالزمانية لأن الساعة فى لسان الشارع وأهل اللغة الجزء من أجزاء الزمان كما فى كتب اللغة {فان قيل} روى أبو داود والنسائى وصححه الحاكم من حديث جابر مرفوعاً "يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة" {فالجواب} أن مجرد جريان ذلك على لسانه صلى الله عليه وسلم لا يستلزم أن يكون اصطلاحاً تجرى عليه خطاباته، ويؤيد ذلك أنه لم ينقل عن أحد من الصحابة أنه ذهب الى الجمعة قبل طلوع الشمس أو عند انبساطها، ولو كانت الساعة هى المعروفة عند أهل الفلك لما ترك الصحابة الذين هم خير القرون وأسرعُ الناس الى خير الأمور الذهاب الى الجمعة فى الساعة الأولى من أول النهار أو الثاني أو الثالثة، فالذى يتعين حمل كلام الشارع على لسان قومه إلا أن يثبت له اصطلاح يخالفهم، ولا يجوز حمله على المتعارف فى لسان أهل العصور الحادثة بعد عصره صلى الله عليه وسلم، على أن ما اختاره الصيدلانى والرافعى من الشافعية لا يخرج عن هذا والله أعلم
(1569) عن ابن عمر {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر "الحديث" {غريبه} (1) أى قبل الصلاة وسواء فيه حال الخطبة أو قبلها، لكن حال الخطبة أكثر، وتخصيص يوم الجمعة بالذكر يحتمل أنه خرج مخرج الأغلب لطول مكث الناس فى المسجد للتبكير إلى الجمعة واستماع الخطبة، وأن المراد انتظار الصلاة فى المسجد فى الجمعة وغيرها كما عند أبى داود والترمذى عن ابن عمر أيضًا بلفظ "إذا نعس أحدكم وهو فى المسجد فليتحول من مجلسه ذلك الى غيره" فيكون ذكر يوم الجمعة من التنصيص على بعض أفراد العام، ويحتمل أن المراد يوم الجمعة فقط للاعتناء بسماع الخطبة فيه (أما الحكمة فى الأمر بالتحول) فقيل لأن