كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)
-[كلام العلماء في التخطي يوم الجمعة - وحجة القائلين بكراهة الاحتباء]-
.....
__________
لورود الوعيد الشديد فى ذلك، وظاهر التقييد بيوم الجمعة أن الحرمة مختصة به، ويحتمل أن يكون التقييد خرّج مخرج الغالب لاختصاص الجمعة بكثرة الناس بخلاف سائر الصلوات فلا يختص ذلك بالجمعة بل يكون حكم سائر الصلوات حكمها، ويؤيد ذلك التعليل بالأذية، وظاهر هذا التعليل أن ذلك يجرى فى مجالس العلم وغيرها، ويؤيده أيضاً ما أخرجه الديلمي فى مسند الفردوس من حديث أبى أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من تخطى حِلَق قوم بغير إنهم فهو عاص" ولكن فى إسناده جعفر بن الزبير وقد كذبه شعبة وتركه الناس {وقد اختلف أهل العلم} فى حكم التخطى يوم الجمعة وشددوا فى ذلك، وحكى أبو حامد فى تعليقه عن الشافعى التصريح بالتحريم، وقال النووى فى زوائد الروضة إن المختار تحريمه للأحاديث الصحيحة {قلت} وهو الذى أميل اليه وأختاره، واقتصر أصحاب الأمام أحمد على الكراهة فقط، وقال ابن المسيب لأن أصلى الجمعة بالحرّة أحب إلىّ من التخطى، وروى عن أبى هريرة رضى الله عنه نحوه، ولا يصح عنه لأنه من رواية صالح مولى التوأمة عنه (قال العراقى) وقد استثنى من التحريم أو الكراهة الأمام أو من كان بين يديه فرجة لا يصل اليها الا بالتخطى وهكذا أطلق النووى فى الروضة، وقيَّد ذلك فى شرح المهذب فقال اذا لم يجد طريقًا الى المنبر أو المحراب الا بالتخطى لم يكره لأنه ضرورة، وروى نحو ذلك عن الشافعى، ويستأنس له بحديث عقبة بن الحارث رضى الله عنه قال صليت وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة العصر ثم قام مسرعًا فتخطى رقاب الناس الى بعض حجز نسائه ففزع الناس من سرعته فخرج عليهم فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته فقال "ذكرت شيئاً من تبر كان عندنا فكرهت أن يحبسنى فأمرت بقسمته" رواه البخارى والنسائى، لكنه يدل على جواز التخطى للحاجة فى غير الجمعة، فمن خصص الكراهة بصلاة الجمعة فلا معارضة بينه وبين أحاديث الباب عنده، ومن عمّم الكراهة لوجود العلة المذكورة سابقاً فى الجمعة وغيرها فهو يحتاج الى الاعتذار عنه، وقد خص الكراهة لوجود العلة المذكورة سابقاً فى الجمعة وغيرها فهو يحتاج الى الاعتذار عنه، وقد خص الكراهة بعضهم بغير من يتبرك الناس بمروره ويسرهم ذلك ولا يتأذون لزوال علة الكراهة التى هي التأذى {ومنها} أيضًا النهى عن الحبوة يوم الجمعة {وقد اختلف الناس فى ذلك} فقال بالكراهة قوم من أهل العلم كما قال الترمذى (وقال العراقى) ورد عن مكحول وعطاء والحسن أنهم كانوا يكرهون ان يحتبوا والأمام يخطب يوم الجمعة رواه ابن أبى شيبة فى المصنف، قال ولكنه قد اختلف عن الثلاثة (يعنى مكحول وعطاء والحسن) فنقل عنهم القول بالكراهة ونقل عنهم عدمها، واستدلوا على الكراهية بحديث الباب وبحديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند ابن ماجه قال "نهى رسول