كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)

-[مذاهب العلماء في حكم تحية المسجد والامام على المنبر]-
.....
__________
من أحاديث الباب، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء {المسألة الثانية} مشروعية صلاة ركعتين لداخل المسجد مطلقاً قبل أن يجلس وإن كان الخطيب على المنبر، إلا أنه فى هذه الحالة يخففها ليتفرغ لسماع الخطبة كما يستفاد من حديث جابر وقصة سليك {والى ذلك ذهب الأئمة} الحسن وابن عيينة والشافعى وأحمد وإسحاق ومكحول وأبو ثور وابن المنذر، وحكاه النووى عن فقهاء المحدثين، وحكى ابن العربى أن محمد بن الحسن حكاه عن مالك {المسألة الثالثة} من تأخر عن التبكير وجاء الأمام على المنبر فعليه أن يجلس ولا يصلى الركعتين كما فى حديث نبيشة، والى ذلك ذهب الثورى وأهل الكوفة حكى ذلك عنهم الترمذى، وحكاه القاضى عياض عن الأئمة {مالك والليث وأبى حنيفة} وجمهور السلف من الصحابة والتابعين، وحكاه العراقى عن محمد بن سيرين وشريح القاضى والنخعى وقتادة والزهرى، ورواه ابن أبى شيبة عن على وابن عمر وابن عباس وابن المسيب ومجاهد وعطاء بن أبى رباح وعروة بن الزبير، ورواه النووى عن عثمان، وأجابوا عن أمره صلى الله عليه وسلم لسليك بأن ذلك واقعة عين لا عموم لها فيحتمل اختصاصها بسليك، قالوا ويدل على ذلك ما وقع فى حديث أبى سعيد أن الرجل كان فى هيئة بذة فقال له أصليت؟ قال لا، قال صل الركعتين، وحض الناس على الصدقة، فأمره أن يصلى ليراه الناس وهو قائم فيتصدقوا عليه، قالوا ويؤيده أن فى هذا الحديث عند الامام احمد أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إن هذا الرجل دخل فى هيئة بذة وأنا أرجو أن يفطن له رجل فيتصدق عليه، ويؤيده أيضاً قوله صلى الله عليه ولم لسليك فى آخر الحديث لا تعودنّ لمثل هذا أخرجه ابن حبان {ورُدَّ هذا التأويل} بأن الأصل عدم الخصوصية، والتعليل بكونه صلى الله عليه وسلم قصد التصدق عليه لا يمنع القول يجواز ركعتى التحية، فان المانعين لا يجوزون الصلاة فى هذا الوقت لعلة التصدق. ولو ساغ هذا لساغ مثله فى سائر الأوقات المكروهة ولا قائل به، كذا قال ابن المنير {ومما يرد هذا التأويل أيضاً} ما فى الباب "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة الخ" فان هذا النص لا يتطرق اليه التأويل (قال النووى) رحمه الله لا أظن عالماً يبلغه هذا اللفظ صحيحاً فيخالفه اهـ (وقال الحافظ) الحامل للمانعين على التأويل المذكور أنهم زعموا أن ظاهره معارض لقوله تعالى {واذا قرئ القرآن فاستمعوا له} وقوله صلى الله عليه وسلم "إذا قلت لصاحبك انصت والأمام يخطب فقد لغوت" متفق عليه، قالوا فاذا امتنع الأمر بالمعروف وهو أمر اللاغى بالأنصات فمنع التشاغل بالتحية مع طول زمنها أولى، وعارضوا أيضاً بقوله صلى الله عليه وسلم للذى دخل يتخطى رقاب الناس وهو يخطب "اجلس فقد آذيت" وقد تقدم، قالوا فأمره بالجلوس ولم يأمره بالتحية، وبما أخرجه الطبرانى من حديث ابن عمر رفعه "إذا دخل أحدكم المسجد والأمام على المنبر فلا صلاة ولا كلام حتى يفرغ الأمام" {ويجاب

الصفحة 78