كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)
-[دفع حجج القائلين بعدم صلاة تحية المسجد والامام على المنبر]-
.....
__________
عن ذلك كله} بامكان الجمع وهو مقدم على المعارضة المؤدية الى إسقاط أحد الدليلين (أما فى الآية) فليست الخطبة قرآناً، وأمّا ما فيها من القرآن فالأمر بالانصات حال قراءته عام مخصص بأحاديث الباب (وأما حديث) اذا قلت لصاحبك انصت فهو وارد فى المنع من المكالمة للغير ولا مكالمة فى الصلاة، ولو سلم أنه يتناول كل كلام حتى الكلام فى الصلاة لكان عموماً مخصصاً بأحاديث الباب؛ قال الحافظ وأيضاً فمصلى التحية يجوز أن يطلق عليه أنه منصت لحديث أبى هريرة المتقدم "أنه قال يا رسول الله سكوتك بين التكبيرة والقراءة ما تقول فيه" فأطلق على القول سراً السكوت {قلت حديث أبى هريرة تقدم رقم 503 من كتاب الصلاة} قال وأما أمره صلى الله عليه وسلم لمن دخل يتخطى الرقاب بالجلوس فذلك واقعة عين ولا عموم لها، فيحتمل أن يكون أمره بالجلوس قبل مشروعيتها؛ أو أمره بالجلوس بشرطه وهو فعل التحية وقد عرفه قبل ذلك، أو ترك أمره بالتحية لبيان الجواز، أو لكون دخوله وقع فى آخر الخطبة وقد ضاق الوقت عن التحية {وأما حديث ابن عمر} فهو ضعيف، لأن فى إسناده أيوب بن نهيك، قال أبو زرعة وأبو حاتم منكر الحديث، والأحاديث الصحيحة لا تعارض بمثله اهـ بتصرف واختصار؛ وصفوة القول أن أدلة القائلين بمشروعية صلاة ركعتين تحية المسجد أقوى من أدلة القائلين بعدمها وهو الذى أميل اليه وأفعله {وفى قوله صلى الله عليه وسلم فى حديث جابر} "إذا جاء أحدكم والأمام يخطب فليصل ركعتين يتجوز فيهما" دليل على أن داخل المسجد حال الخطبة يقتصر على ركعتين لا يزيد عنهما (قال صاحب المنتقى) ومفهومه يمنع من تجاوز الركعتين بمجرد خروج الأمام وان لم يتكلم، وفى رواية {عن أبى هريرة وجابر} قال "جاء سليك الغطفانى ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له أصليت ركعتين قبل أن تجئ؟ قال لا، قال فصل ركعتين وتجوز فيهما" رواه ابن ماجه ورجال إسناده ثقات، وقوله قبل أن تجئ يدل على أن هاتين الركعتين سنة للجمعة قبلها وليستا تحية المسجد اهـ (قال الحافظ بن القيم) فى الهدى قال شيخنا حفيده أبو العباس (يعنى ابن تيمية) وهذا غلط والحديث المعروف فى الصحيحين عن جابر قال "دخل رجل يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال أصليت؟ قال لا، قال فصل ركعتين، وقال اذا جاء أحدكم الجمعة والامام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما" فهذا هو المحفوظ فى هذا الحديث، وافراد ابن ماجه فى الغالب غير صحيحة هذا معنى كلامه، وقال شيخنا أبو الحجاج الحافظ المزى هذا تصحيف من الرواة وإنما هو أصليت قبل أن تجلس فغلط فيه الناسخ، قال وكتاب ابن ماجه إنما تداولته شيوخ لم يعتنوا به بخلاف صحيح البخارى ومسلم فان الحافظ تداولوهما واعتنوا بضبطهما وتصحيحهما، قال ولذلك وقع فيه اغلاط وتصحيف "قلت" ويدل على صحة