كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)

-[مشروعية حمد الله عز وجل والثناء عليه في الخطبة]-
(1585) عن جابر (بن عبد الله رضى الله عنهما) قال خطبنا رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فحمد الله وأثنى عليه (1) بما هو له أهلٌ، ثمَّ قال أمَّا بعد (2) فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وإنَّ أفضل الهدى هدى محمَّدٍ (3) (صلى الله عليه وسلم) وشرُّ الأمور محدثاتها (4) وكلُّ بدعةٍ ضلالة (5) ثمًّ يرفع صوته
__________
(1585) عن جابر بن عد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مصعب ابن سلام ثنا جعفر عن أبيه عن جابر "الحديث" {غريبه} (1) فيه مشروعية حمد الله والثناء عليه في أول الخطبة وأوجبه الشافعية ويتعين لفظه ولا يقوم غيره مقامه (2) قال سيبويه أمَّا بعد معناها مهما يكن من شيء بعد، وقال أبو إسحاق هو الزجَّاج اذا كان الرجل في حديث فأراد أن يأتى بغيره قال أما بعد، وهو مبنى على الضم لأنه من الظروف المقطوعة عن الأضافة، وقيل التقدير أما الثناء على الله فهو كذا، وأما بعد فكذا (3) الهدى بضم الهاء وفتح الدال في الكلمتين، ويجوز فتح الدال في الكلمتين، ويجوز فتح الهاء وإسكان الدال أيضاً وضبطه النووى بالوجهين، وكذا ذكره جماعة غير بالوجهين، وقال القاضي عياض رويناه في مسلم بالضم، وفي غيره بالفتح، وبالفتح ذكره الهروى وفسره على رواية الفتح بالطريق، أى أحسن الطرق طرق محمد صلى الله عليه وسلم يقال فلان حسن الهدى أى الطريقة والمذهب "اهتدوا بهدى عمار" وأما على رواية الضم فمعناه الدلالة والارشاد (قال العلماء) لفظ الهدى له معنيان (أحدهما) بمعنى الدلالة والارشاد وهو الذى يضاف الى الرسل والقرآن والعباد، قال الله تعالى {وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم} {إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم} {هدى للمتقين} ومنه قوله تعالى {وأما ثمود فهديناهم} أى بينا لهم الطريق {إنا هديناه السبيل} {وهديناه النجدين} (والثانى) بمعنى اللطف والتوفيق والعصمة والتأييد وهو الذى تفرد الله به، ومنه قوله تعالى {إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء} (4) بفتح الدال المهملة جمع محدثة بالفتح وهى ما لم يكن معروفاً فى كتاب ولا سنة ولا إجماع، وهى البدعة كما يشير الحديث الى ذلك (5) قال النووى هذا عام مخصوص والمراد غالب البدع، قال أهل اللغة هى كل شئ عمل على غير مثال سابق، قال العلماء البدعة خمسة أقسام واجبة ومندوبة ومحرمة ومكروهة ومباحة (فمن الواجبة) نظم أدلة المتكلمين للرد على الملاحدة والمبتدعين وشبه ذلك (ومن المندوبة) تصنيف كتب العلم وبناء المدارس والرُّبُط وغير ذلك (ومن المباح) التبسيط فى ألوان الأطعمة وغير ذلك (والحرام والمكروه)

الصفحة 86