كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 6)
-[قرب مبعث النبي صلى الله عليه وسلم من الساعة وما ينبغي أن يفعله الخطيب]-
وتحمر وجنتاه ويشتد غضبه إذا ذكر السَّاعة (1) كأنَّه منذر (2) جيشٍ، قال ثمَّ يقول أتتكم السَّاعة، بعثت أنا والسَّاعة هكذا وأشار بإصبعيه السَّبَّابة والوسطى (3) صبَّحتكم السَّاعة ومسَّتكم (4) من ترك مالاً فلأهله (5) ومن ترك دينًا أو ضياعًا (6) فإلىَّ وعلىَّ والضَّياع يعني ولده المساكين
__________
ظاهران، قال وقد أوضحت المسألة بأدلتها المبسوطة فى تهذيب الأسماء واللغات، فاذا عرف ما ذكرته علم أن الحديث من العام المخصوص وكذا ما أشبههه من الأحاديث الواردة، ويؤيد ما قلناه قول عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى التراويح نعمت البدعة، ولا يمنع من كون الحديث عاماً مخصوصاً قوله كل بدعة مؤكداً بل، بل يدخله التخصيص مع ذلك كقوله تعالى {تدمر كل شئ} اهـ (1) فيه أنه يستحب للخطيب أن يفخم أمر الخطبة ويرفع صوته ويجزل كلاه ويكون مطابقاً للفصل الذى يتكلم فيه من ترغيب أو ترهيب، ولعل اشتداد غصبه صلى الله عليه وسلم عند ذكر الساعة لما فيها من الأهوال العظيمة والخطوب الجسيمة (2) المنذر المعْلِم الذى يعرّف القوم بما يكون قد دهمهم من عدو أو غيره وهو المخوّف أيضاً، وأصل الانذار الاعلام يقال أنذرته أنذره إنذار اذا أعلمته فأنا منذر ونذير أى معْلم ومخوّف ومحذّر، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان يخوفهم من قيام الساعة وقربها ليستعدوا لها بطاعة الله عز وجث واجتناب المعاصى كما يُخوَّف الجيش بهجوم العدو ليستعد للقائه (3) أى قرن بين إصبعيه السبابة والوسطى كما فى رواية مسلم (قال القاضى عياض رحمه الله) يحتمل أنه تمثيل لمقاربتها وانه ليس بينهما إصبع أخرى كما أنه لا نبى بينه وبين الساعة، ويحتمل أنه لتقريب ما بينهما من المدة وأن التفاوت بينهما كنسبة التفاوت بين الأصبعين تقريباً لا تجديداً اهـ (4) المراد ستصبحكم أى تأتيكم صباحاً، وعبر بالماض لتحقق مجيئها كأنها جاءت، ويقال كذلك فى مسَّتكم (5) أى فلورثته (6) الضياع بفتح الضاد فسرها الراوى بقوله ولده المساكين يعنى أولاد المتوفى، وكذلك فسرها أهل اللغة، قال ابن قتيبة أصله مصدر ضاع يضيع ضياعاً المراد من ترك أطفالاً وعيالاً ذوى ضياع، فأوقع المصدر موضع الاسم (وقوله فالى وعلى) أى فالى تربية أولاده وعلى قضاء دينه (قال النووى) قال أصحابنا وكان النبى صلى الله عليه وسلم لا يصلى على من مات وعليه دين لم يخلف به وفاء لئلا يتساهل الناس فى الاستدانة ويهملوا الوفاء فزجرهم عن ذلك بترك الصلاة عليهم، فلما فتح الله على المسلمين مبادئ الفتوح قال صلى الله عليه وسلم "من ترك ديناً فعلىَّ" أى قضاؤه فكان يقضيه {تخريجه} (م. جه)