كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 7)

(4) باب ما جاء في نعي الميت
عن بلال العبسى عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه كان
__________
الشارع، وقد جمع الشافعية بحمل أحاديث الجواز على البكاء قبل الموت وأحاديث المنع على البكاء بعده، ولذلك حكوا عن الأمام الشافعي رحمه الله أنه قال يباح الكلام الى أن تخرج الروح ويكره بعد ذلك لحديث جابر بن عتيك، وقد بينا لك توجيهه بما فيه الكفاية (وأجمع العلماء) على جواز البكاء الخالى عن الندب والنياحة ونحو ذلك (وفى أحاديث الباب أيضا) ما يدل على جواز البكاء بصوت اذا غلب عليه ولم يبلغ إلى الحد المنهى عنه كما حكت عائشة عن بكاء أبى بكر وعمر رضى الله عنهما (وفيها أيضا) ما يدل على جواز الندبة، وهى ذكر الميت بصفاته الممدوحة شرعا ان كان متصفًا بها حقيقة كقول فاطمة رضى الله عنها "يا أبتاه من ربه ما أدناه إلى آخر ما قالت وكقول أبى بكر رضى الله عنه حين دخل النبى صلى الله عليه وسلم بعد وفاته فوضع فمه بين عينيه ووضع يده على صدغيه وقال وأنبياه وا خليلاخ. وا صفياه" رواه الأمام أحمد وسيأتى فى باب تأثير وفاته صلى الله علي وسلم على أصحابه وآل بيت الخ من كتاب السيرة النبوية ان شاء الله (قال ابن قدامه فى المغنى) وقال أحمد اذا ذكرت المرأة مثل ما حكى عن فاطمة فى مثل الدعاء لا يكون مثل النوح يعنى لا بأس به، وروى عن فاطمة رضى الله عنها أنها قالت يا أبتاه من ربه ما أدناه الخ - قال وروى عن على رضى الله عنه أن فاطمة رضى الله عنها أخذت قبضة من تراب قبر النبى صلى الله عليه وسلم فوضعتها على عينها ثم قالت
ماذا على مئتم تربة أحمد _ أن لا يشم الزمان غواليا
سبت علىّ مصيبة لو أنها _ صبت على الأيام عدن لياليا اهـ
(قال الخافظ) ويؤخذ من قول فاطمة الخ جواز ذكر الميت بما هو متصف به ان كان معلوما (قال الكرمانى) وليس هذا من نوح الجاهلية من الكذب ورفع الصوت وغيره إنما هو ندبة مباحة اهـ (قال الشوكانى) وعلى فرض صدق اسم النوح فى لسان الشارع على مثل هذا، فليس فى فعل فاطمة وأبى بكر دليل على جواز ذلك لأن فعل الصحابى لا يصلح للحجة كما تقرر فى الأصول، ويحمل ما وقع منهما على أنهما لم يبلغا أحاديث النهى عن ذلك الفعل. ولم ينقل أن وقع منهما بمحضر جميع الصحابة حتى يكون كالاجماع منهم على الجواز لسكونهم عن الانكار والأصل أيضا عدم ذلم اهـ. والله أعلم
(103) عن بلال العبسى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن آدم

الصفحة 144