كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 7)
رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن أكثرهم قرآناً فيقدّمه إلى القبلة قال فدفنهم
__________
الجماعة فيكفن كل واحد ببعضه للضرورة وإن لم يستر إلا بعض بدنه، يدل عليه تمام الحديث انه صلى الله عليه وسلم كان يسأل عن أكثرهم قرآنا فيقدمه فى اللحد فلو أنهم فى ثوب واحد جمله لسأل عن أفضلهم قبل ذلك كيلا يؤدى الى نقض التكفين وإعادته (وقال ابن العربى) فيه دليل على ان التكليف قد ارتفع بالموت، والا فلا يجوز ان يلصق الرجل بالرجل الا عند انقطاع التكليف او للضرورة اه (قلت) بقى أمر واحد خطر لى اثناء كتابة الشرح لم اقف على من تكلم فيه من شراح الحديث وهو (ان قيل) ما الضرورة الملجئة لجمعهم فى ثوب واحد وتقسيم الثوب الواحد بين الجماعه وان لم يستر الا بعض بدنه وقد تقدم فى الأحاديث الصحيحة وسيأتى كذلك فى الباب التالى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال زملوهم فى ثيابهم (وفى لفظ) ادفنوهم بدمائهم وثيابهم الى غير ذلك من اللفاظ التى تعطى هذا المعنى، ومعلوم ان المجاهد لابد أن يكون لابسا ولو ثوبا واحدا يكفيه للكفن؟ (فالجواب) أن الغرض من الكفن ستر جميع بدن الميت حتى رأسه ووجهه وقدميه بحيث لا يظهر منه شيئا مطلقا وثياب الحى لا تستر ذلك كما يستر الكفن الميت، فشرع الكفن لستر جميع بدنه، فان قلت الثياب فليقتصر على ستر ما بدا منه، ويحتمل أن يجرد الأعداء القتيل من ثيابه بقصد هتكه فيكون عاريا، والغالب ان قتل أحد أو كثيرا منهم كانوا عراة، بل قد فعل بهم الأعداء أكثر من ذلك لما روى ابن اسحاق قال - ووقفت هند بنت عتبه (كما حدثنى صالح بن كيسان) والنسوة اللاتى معها يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجدعن الآذان والأنوف حتى اتخذت هند من آذان الرجال وأنوفهم خدما وقلائد وأعطت خدمها وقلائدها وقرطها وحشيا، وبقرت عن كبد حمزة فلاكنها فلم تستطع ان تصيغها فلفظتها اه (قلت) إنما فعلت ذلك هند بنت عتبة لأن زوجها وأخاها وعمها قتلوا فى وقعة بدر فأرادت الأنتقام من المسلمين فى وقعة أحد "وقوله خدما" بفتحات جمع خدمة يعنى الخلخال، ويجمع على خدام ايضا، وإنما أعطت هذه القلائد لوحشى لأنه هو الذى قتل حمزة، ووحشى هذا هو ابن حرب كان مولى لجبير ابن مطعم فأوعز اليه جبير بقتل حمزه ووعده بالعتق ان فعل ذلك لان حمزة رضى الله عنه كان قد قتل عمه طعيمه بن عدى بن الخيار فى وقعة بدر، وسيأتى تفصيل ذلك فى غزوة أحد من أبواب الغزوات ان شاء الله تعالى، فالغالب أن قتلى أحد كانوا عراة أو بعضهم ممن مثل بهم كحمزة رضى الله عنه، وهؤلاء لابد من تكفينهم، ولما كثرت القتلى وقلت الثياب كما فى الحديث - قضت الضرورة بتقسيم الثوب الواحد بين الجماعه والله أعلم (1) أي في