كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 7)
__________
وفاة عاصم بن عمر بثلاث فأتى قبره فصلى عليه؛ رواهما البيهقي وابن أبى شيبة (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية صلاة الجنازة على قبر الميت بعد دفنه لمن لم يدرك الصلاة عليه قبل الدفن (قال الترمذى) والعمل على هذا "أي على مشروعية الصلاة على القبر" وهو قول (الشافعى وأحمد وإسحاق) وقال بعض أهل العلم لا يصلى على القبر وهو قول مالك بن أنس (وقال ابن المبارك) إذا دفن الميت ولم يصل عليه صلى على القبر ورأى ابن المبارك الصلاة على القبر (وقال أحمد وإسحاق) يصلى على القبر إلى شهر، وقالا أكثر ما سمعنا عن ابن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر أم سعد بن عبادة بعد شهر اهـ (وذهب النخعى ومالك وأبو حنيفة) إلى أنه إن دفن قبل أن يصلى عليه شرع وإلا فلا، وأجابوا عن أحاديث الباب بأن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم واستدلوا على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبى هريرة عند مسلم والأمام أحمد وغيرهما "إن هذه القبور مملؤة ظلمة؛ وإن الله ينورها بصلاتى عليهم، قالوا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت لتنوير القبر، وما لا يوجد في صلاة غيره فلا تكون الصلاة على القبر مشروعة (وأجاب) ابن حبان عن ذلك بأن في ترك انكاره صلى الله عليه وسلم على من صلى معه القبر بيان جاوز ذلك لغيره وأنه ليس من خصائصه (وتعقب) بأن الذي يقع بالتبعية لا ينهض دليلاً للصالة، ومن جملة ما أجاب به الجمهور عن هذه الزيادة "أي قوله في الحديث إن هذه القبور الخ" أنها مدرجة في هذا الأسناد، وهى من مراسيل ثابت بيّن ذلك غير واحد من أصحاب حماد بن زيد (قال البيهقى) والذى يغلب على القلب أن تكون هذه الزيادة في غير رواية أبى رافع عن ابى هريرة، فاما أن تكون عن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلة كما رواه أحمد بن عبدة ومن تابعه أو عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه خالد بن خداش، وقد رواه غير حماد عن ثابت عن ابى رافع فلم يذكرها اهـ (قلت) ثبتت هذه الزيادة عن ثابت عن أنس عند الأمام أحمد وابن منده وغيرهما غير مرسلة، وعند النسائى والأمام أحمد أيضاً من حديث خارجة بن زيد عن عمه يزيد بن ثابت غير مرسلة أيضاً (قال الشوكانى) وقد عرفت غير مرة أن الاختصاص لا يثبت إلا بدليل، ومجرد كون الله ينور القبور بصلاته صلى الله عليه وسلم على أهلها لا ينفى مشروعية الصلاة على القبر لغيره لاسيما بعد قوله صلى الله عليه وسلم "صلوا كما رايتمونى أصلى" وهذا باعتبار من كان قد صلى عليه قبل الدفن (وأما من لم يصل عليه) ففرض الصلاة عليه الثابت بالأدلة وإجماع الأمة باق، وجعل الدفن مسقطاً لهذا الفرض محتاج إلى دليل، وقد قال بمشروعية الصلاة على القبر الجمهور كما قال ابن المنذر، وبه قال الناصر من أهل البيت (وقد استدل بأحاديث الباب) على رد قول من فصّل، فقال يصلى على قبر من لم يكن قد صلى عليه قبل