كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 8)

__________
(وعن جعفر بن إياس) قال رأيت الحسن تبع جنازة فحمل فوضع مقدّم السرير على شقه الأيسر فحوّل فحمل مقدّم السرير على شقه الأيمن، ثم تأخر فوضع مؤخر السرير على شقه الأيسر ثم تحول فوضع مؤخر السرير على شقه الأيمن، ثم خلي منها؛ رواه ابن أبي شيبة أيضاً (وروى الإمام الشافعي) عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال ((رأيت سعد بن أبي وقّاص في جنازة عبد الرحمن بن عوف قائماً بين العمودين المقدمين واضعاً السرير على كاهله، ورواه الشافعي أيضاً بأسانيد من فعل عثمان وأبي هريرة وابن الزّبير وابن عمر أخرجها كلها البيهقي (وروي ابن أبي شيبة وعبد الرزاق) من طريق على الأزدي قال رأيت ابن عمر في جنازة يحمل جوانب السرير الأربع (وروى عبد الرزاق) عن أبي هريرة أنه قال من حمل الجنازة بجوانبها الأربع فقد قضى الذي عليه (وأخرج الترمذي) عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول من تبع الجنازة وحملها ثلاث مرات فقد قضى ما عليه من حقها (قال الترمذي) هذا حديث غريب، ورواه بعضهم بهذا الإسناد ولم يرفعه (وروى ابن أبي شيبة) في مصنفه قال حدّثنا محمد بن أبي عدي عن أشعث عن الحسن قال كان لا يبالي بأي جوانب السرير بدأت (الأحكام) أحادي الباب تدل على مشروعيه الإسراع في السير بالجنازة (قال الحافظ) نقل ابن قدامة أن الأمر فيه للاستحباب بلا خلاف بين العلماء، وشذّ ابن حزم فقال بوجوبه، والمراد بالإسراع شدة المشي، وعلى ذلك حمله بعض السلف (وهو قول الحنفية) قال صاحب الهداية ويمشون بها مسرعين دون الخبب، وفي المبسوط ليس فيه شيء مؤقت غير أن العجلة أحب إلى أبي حنيفة (وعن الشافعي والجمهور) المراد بالإسراع ما فوق سجية المشي المعتاد، ومن كرهه أراد الإفراط فيه كالرمل، والحاصل أنه يستحب الإسراع لكن بحيث لا ينتهي إلى شدة يخاف معها حدوث مفسدة بالميت أو مشقة على الحامل أو المشيع لئلا ينافي المقصود من النظافة وفيه إدخال المشقة على المسلم (قال القرطبي) مقصود الحديث أن لا يتباطأ بالميت عن الدفن ولأن التباطؤ ربما أدى إلى التباهي والاختيال اهـ. وقد اعترض العيني على الحافظ في قوله ((والمراد بالإسراع شدة المشي ونسبة ذلك إلى الحنفية)) ولا وجه للاعتراض لأن الحافظ يريد بشدة المشي السعي الشديد الذي هو أقل من الخبب ولذا عقبه يقول صاحب الهداية ((ويمشون بها مسرعين دون الخبب)) يعني الجري. رحم الله الجميع (وفي الحديث الأول من أحاديث الباب إشارة إلى أنه لا يحمل الجنازة إلا الرجال سواء أكان الميت ذكراً أم أنثى، ولا خلاف في هذا، لأن النساء يضعفن عن الحمل، وربما انكشف منهن شيء لو حملن وكلهن عورة

الصفحة 10